samedi 31 janvier 2015

المقومات الأساسية للتنمية المحلية وأهم معوقاتها

المبحث الرابع: المقومات الأساسية للتنمية المحلية وأهم معوقاتها.
بعد تعرفنا على كل من التنمية المحلية ومداخلها ومجالاتها التي أظهرت لنا وضوح أكثر لمصطلح التنمية سنحاول التعرف على أهم مقومات التنمية المحلية وكذا أهم المعوقات التي تواجهها.
المطلب الأول: المقومات الأساسية للتنمية المحلية:
لقد اختلفت الكتابات في التنمية المحلية وتعددت كل حسب منظوره الفكري والزاوية التي تناول منها هذا المفهوم، لكن هناك بعض النقاط المشتركة التي يجمع عليها جل مفكري التنمية المحلية، وهي أن الهدف الرئيسي لها تطوير المجتمعات المحلية في هذا الإطار لا يمكن إغفال الجهود الذاتية المجسدة والمتمثلة في المشاركة الشعبية إلى جانب الجهود الحكومية من أجل تحقيق التنمية المحلية، كما أن القاعدة الأساسية لنجاح التنمية المحلية تكون بالمشاركة فنجاح تجربة أي دولة في النمو يرجع إلى اعتمادها على مواردها المحلية وأثمن هذه الموارد هو العنصر البشري، وإذا ما تجاهلت الدولة هذا العنصر وركزت على عناصر أخرى فإنها ستخلق عبئ مستمر على التنمية وهو وجود عنصر بشري يزداد عددا ويقل كفاءة دون أن يقدر على تقديم جهد متزايد لخدمة التنمية، وعليه فإن تحقيق التنمية المحلية رهين باعتماد وتفعيل العناصر التالية:
1-   المشاركة الشعبية: هي ركيزة من الركائز الأساسية للتنمية المحلية، فلم تعد المشاركة مجرد مطلب سياسي أو شعار يستخدم للمناورة، ولكنها أصبحت ضرورة حتمية، ولكن على الرغم من قدم هذا المفهوم قد انتشرت في العقود القليلة الماضية، ليس فقط في المناقشات الأكاديمية للسياسات ولكن في البرامج السياسية الفعلية للجماعات والأحزاب فهناك من ينظر إلى المشاركة باعتبارها إستراتيجية تربوية وعلاجية، ومن أشهر ممثلي هذه النظرة "" موري روس"" حيث يرى أن تنظيم المجتمع وسيلة لمساعدة الناس على حل مشكلاتهم ومن ثم فالمشاركة إستراتيجية لتنمية الكوادر التي تقوم على مبدأ الطواعية في التنظيمات أو الجماعات داخل المجتمع، إذ أن عملية المشاركة من أكثر القضايا التنظيمية في صنع القرار،ومن ثم تؤدي إلى مزيد من التجسيد الفعلي لمبادئ الديمقراطية،وهناك من يرى أن عملية المشاركة ما هي إلا نتيجة للثورات والسخط العام وعدم الرضا، ومن ثم فهي بمثابة حل جزئي لهذه التوترات.[1] 
وتعتبر المشاركة الشعبية من أكثر العناصر أهمية للوصول إلى تنمية المجتمع المحلي، حيث أن كل تنمية حقيقية للمجتمع ما تتطلب المشاركة التلقائية لأهالي هذا المجتمع، إن توحيد الجهود الأهلية مع الجهود الحكومية أمر بالغ الأهمية، فلتحقيق تنمية يتقبلها المجتمع وتحل مشاكله الحقيقية فإنه يجب إشراك كل أفراد المجتمع المحلي في التفكير والعمل معا على وضع البرامج

التي تهدف إلى النهوض بهم.[2]  والمواطن داخل المجتمع يلعب أدوار كثيرة، فتارة مستهلك وتارة أخرى ناخب مقرر لمن يمثله في الحياة السياسية، مرة دافع للضريبة مقابل الخدمات التي يتلقاها، ومرة يلعب دور الزبون وفي الأخير فمواطن يعتبر المستعمل والمستفيد من نتائج السياسة العامة التي تقرها الحكومة.أي دعم الجهود المبذولة من قبل الأفراد والأهالي أنفسهم للنهوض بالتنمية وتحسين مستوى معيشتهم والرقي بنوعية حياتهم ودلك عن طريق:
·         تنظيم آلية موحدة للمشاركة الشعبية في التنمية على مستوى الوحدات المحلية بمشاركة المجالس الشعبية والقيادات التنفيذية.
·         تشجيع المبادرات الشعبية  من خلال آليات المشاركة الشعبية المحلية والإسهام في التكاليف الاستثمارية للمشروعات وفق الأولويات والاحتياجات الجماهيرية.
·         تشجيع منظمات المجتمع المدني كالجمعيات للقيام بمهام إدارة وتشغيل وصيانة مشروعات الخدمات العامة بالوحدات المحلية كأعمال النظافة مثلا تحت إشراف الجهات الرسمية.
·         التدريب المستمر للقيادات الشعبية المحلية بكافة مستوياتها وفئاتها للارتقاء بقدراتهم على القيام بمهامهم في المشاركة الشعبية وتشجيع فرص تبادل الخبرات التنموية ونماذج المشاركة فيما بين القيادات الشعبية.
·         تكثيف سياسة الاتصال مع المواطنين وإشراكهم في القرار المحلي، كما يجب أن تمنح الجماعات المحلية إمكانيات حقيقية لاستعمال قدراتها واحتياطاتها وإمكانيات المواطنين قصد إشراكهم في الأعمال التنموية.[3]
وعليه فإن غياب المشاركة المحلية الفعالة يعيق خطط تنمية المجتمعات المحلية حتى ولو كانت معدة إعدادا جيدا ومزودة بالموارد التكنولوجية والمالية اللازمة، إذ تضمن المشاركة المحلية استمرارية مشروعات التنمية والتخفيض من تكاليفها فضلا عن أنها تؤدي إلى رفع كفاءة الجهاز الإداري المختص بعملية التنمية،كما يؤدي إلى إحداث تغيير في نسق القيم الاجتماعية السائدة لدى سكان المجتمعات المحلية بشكل يعزز من عملية التنمية.[4]
2-اللامركزية السياسية والإدارية والمالية:
 اللامركزية هي أسلوب في التنظيم يقوم على أساس توزيع السلطات والاختصاصات بين السلطة المركزية وهيأت أخرى مستقلة قانونا، ولكن التشابك الذي يطرح هذا المفهوم يقتضي توضيح مفهوم كل من اللامركزية السياسية واللامركزية الإدارية.
فاللامركزية السياسية تعني توزيع الوظائف الحكومية المختلفة التشريعية والتنفيذية والقضائية بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية.
أما اللامركزية الإدارية فيعرفها علاء الدين عشي" بأنها نظام يقوم على أساس توزيع الوظيفة الإدارية بين الجهات الحكومية المركزية في العاصمة، وبين أشخاص الإدارة المحلية في الأقاليم وتمتع هؤلاء الأشخاص بالشخصية الاعتبارية المستقلة، مع خضوعها لرقابة الحكومة المركزية.
وفي هذا المقام يفرق علاء الدين عشي"بين مفهوم اللامركزية الإدارية وبين مفهوم اللامركزية السياسية، حيث يقول في هذا السياق إن المقصود باللامركزية الإدارية لا يجب أن ينصرف إلى مفهوم اللامركزية السياسية التي تعد أسلوبا من أساليب التنظيم الدستوري للسلطة وبالتالي فالفرق بينهما كبير من حيث الطبيعة والمضمون.[5]
أما عمار بوضياف "فيرى أن اللامركزية الإدارية هي توزيع الوظائف الإدارية بين الحكومة المركزية في العاصمة، وبين هيأت محلية أو مصلحيه مستقلة، كما يرى أن اللامركزية الإدارية جانبين، جانب سياسي يتمثل في تمكين الأجهزة المحلية المنتخبة من قبل الشعب في تسيير شؤونها مما يحقق مبدأ الديمقراطية، وجانب قانوني يتجسد في توزيع الوظيفة الإدارية في الدولة بين الأجهزة المركزية والهيأة المستقلة ذات الطابع المرفقي أو المصلحي، الأمر الذي من شأنه أن يقرب الإدارة أكثر من المواطن.[6]
وعليه فإن عنصر اللامركزية يحظى بأهمية بالغة في عملية التنمية، وذلك لما يوفره هذا العنصر من امتيازات لأفراد المجتمع المحلي من المشاركة في القرارات وتحديد احتياجاته ورفع انشغالاته من خلال ممثليه في المجالس المنتخبة،ومنظمات المجتمع المدني، مما يسهل على السلطات المركزية تحديد أولويات المشاريع التنموية على مستوى المجتمعات المحلية.
بالإضافة إلى أن تطبيق اللامركزية المالية تهدف إلى إعطاء المحليات (الجماعات المحلية) المرونة الكافية في توزيع استثماراتها المخصصة لكل منطقة على الأنشطة والمشروعات الاستثمارية اللازمة لخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفقا لأولوياتها واحتياجاتها الفعلية وبما يتفق مع ظروف وإمكانيات كل منطقة، ويكون تفعيل اللامركزية باتخاذ الإجراءات التالية:
·         إتباع أسلوب لامركزية القرار في ظل مركزية السياسات.
·         العمل على تدعيم التمويل الذاتي لوحدات الإدارة المحلية.
·         البحث عن إعداد تعديلات جذرية في قانون الإدارة المحلية بما يحقق طموحات المجتمعات المحلية نحو اللامركزية، مع إعطاء صلاحيات أوسع لرؤساء المجالس الشعبية، بما يؤكد اقتراب سلطة القرار من المواطن صاحب الحاجة أو المصلحة ويرفع منن كفاءة الإدارة المحلية في تحمل مسؤولياتها اتجاه المواطن.
1-   تفعيل سياسة التنمية الحضرية والريفية: نشير إلى أن سياسات التنمية الحضرية تشمل إقامة مدن ومجتمعات عمرانية جديدة بالمناطق الصحراوية وتنمية المدن الحضرية للارتقاء بها وتحسين مستوى معيشة الأفراد بها من خلال إتباع إستراتيجية الانتشار المركز لتحقيق الاستفادة القصوى من موارد التنمية المتاحة في الحيز المأهول حاليا كمرحلة أولى ثم الخروج إلى الصحراء في المرحلة الثانية، أما أبعاد التنمية الريفية المتكاملة فتتمثل في الأتي[7]:
·         تنويع مصادر الدخل في المناطق الريفية، بحيث يتم تدبير فرص عمل ذات مردود مادي في مشروعات وأنشطة متنوعة بجانب النشاط الزراعي الرئيسي.
·         استغلال الطاقات البشرية خاصة المرأة الريفية وفئة الشباب في إقامة مشروعات صغيرة تتوافق وإمكانيات المجتمع الريفي، من أجل دفع عجلة التنمية.
·         مد شبكات المرافق العامة إلى المناطق الصحراوية والتجمعات الريفية.
2-   رفع كفاءة إدارة المجتمع المحلي: من خلال تيسير الإجراءات الحكومية وتبسيطها ( الحكومة الاليكترونية محليا)[8]، من أجل تحقيق الشفافية والمصداقية وتوفير الخدمات للمواطن في سهولة ويسر وكذا تطوير نظام تحصيل الضرائب من أجل زيادة موارد البلديات إضافة إلى:
·         تشجيع مبادرات البلديات في تبني نماذج متميزة في العمل والإنجاز التنموي (كمبادرة محو الأمية ومبادرة تنظيم الأسرة.............الــــخ).
·         بحث إمكانية إصدار تقارير التنمية البشرية للوحدات المحلية في إطار منظومة تنموية شاملة تترجم إلى خطة إنمائية متكاملة تدعيما لنظام اللامركزية.
3-   دور الجهات الحكومية: المتمثلة خاصة في توفير مختلف الخدمات والمشروعات المتعلقة بالتنمية المحلية وإعطاء الدعم الكافي وتشجيع المبادرات الفردية وتفعيل المشاركة وتشجيع الاستثمار المحلي والذي يهدف إلى تراكم الثروات وخلق فرص أكثر من مناصب العمل، تجدر الإشارة إلى أن تجربة الاستثمار المالي للجماعات المحلية لم تطبق بالجزائر بسبب نقص الخبرات في هذا الميدان، وقد جاء قانون الاستثمار 93-12 بما يُفَعل هذا المجال حيث أعطى للاستثمار المحلي دورا هاما في تحقيق التنمية المحلية ويتجلى ذلك من خلال إنشاء هيأة مختصة مثل لجنة المساعدة من أجل ترقية وتحديد الاستثمارات على المستوى المحلي والوكالة الوطنية لترقية الاستثمارات على المستوى الوطني وتقوم بما يلي:
·         تشجيع ومساعدة المستثمرين في تنفيذ مشاريعهم الاستثمارية.
·         ضمان ترقية الاستثمارات.
·         توفير وإحاطة المستثمرين بمختلف المعلومات الضرورية، الاقتصادية، التقنية، التشريعية، التنظيمية، والمتعلقة بمجال استثماراتهم وطرق استفادتهم من التسهيلات المتوفرة.
·         تحديد المشاريع التي تعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني أو المحلي ويعد الاستثمار المحلي أحد دعائم التنمية المحلية.


المطلب الثاني: معوقات التنمية المحلية
من العوامل التي تعيق التنمية المحلية وتعمل على تعثرها كثيرة ومتنوعة فمنها ما هو ثقافي واجتماعي وسياسي والبعض الأخر اقتصادي، وإداري بالإضافة إلى المتغيرات والعوامل المستحدثة كالإرهاب والمناخ.....الخ.ومن أهم هذه المعوقات لدينا:
1-   اختلال التوازن في عملية التنمية المحلية: التوازن هنا يعني الشمولية في التنمية والتكامل بين الأفاق المختلفة بطريقة متوازنة، ولذلك فمن المستحيل تنمية النسق التكنولوجي دون تنمية نسق التعليم، أو الذهاب إلى تنمية المدينة دون تنمية الريف وعليه يجب التنسيق بين مختلف عمليات التنمية في جميع الاتجاهات.[9]
2-   معوقات قيمية: إن النسق القيمي يلعب دورا فعالا في تطوير مجال التنمية المحلية وانخفاض مستوياته ينعكس سلبا عليها باعتباره نسقا محوريا في توجيه السلوك والدوافع والانجاز نحو الفعل الاجتماعي المحلي الموجه للتنمية المحلية، وكذا الأهمية البالغة التي تلعبها القيم في تكوين البناء الاجتماعي والاقتصادي في المجتمعات المحلية، وذلك لأن القيم ترتبط بالركيزة الأساسية للتنمية المحلية أو بجوهرها إن صح التعبير إلا وهو الفرد، حيث يصنف " علي كاشف" القيم والمعايير المعوقة للتنمية في المجتمع  المحلي كالأتي[10]:
-          الانعزالية وصور اللامبالاة والاعتماد على الغير.
-          عدم تقدير قيمة العمل.
-          ازدراء العمل اليدوي.
-          عدم تقدير قيمة العمل والزمن.
3-   معوقات ثقافية: تعتبر المعوقات الثقافية من بين أهم التحديات التي تواجهها هذه المجتمعات المحلية فغالبا ما يكون سبب فشل معظم المشروعات في المجتمعات المحلية نتيجة إلى جهل الباحثين لثقافة وخصوصيات ذلك المجتمع أو المنطقة، فما يصلح في مجتمع ما أو جهة ما أو منطقة ليس بالضرورة يصلح في مجتمع أخر يختلف عنه خاصة إذا كانت تلك المشاريع مستوردة من مجتمعات تختلف من حيث المستوى الثقافي والظروف المحيطة بها والمتغيرات المتحكمة بها.
كما يعد الهيكل السكاني في المجتمع المحلي والتركيبة الاجتماعية المكونة له كأحد العوامل المؤثرة في التنمية المحلية، فضلا عن عوامل أخرى تتمثل في المتغير الديموغرافي وما ينتج عنه من تفاقم مشكلة البطالة واختلال التوازن السكاني.[11]  
ويمكن القول أن نسق المعتقدات والأفكار يحوي قدر كبيرا من معوقات التنمية في المجتمعات المحلية المتخلفة، فنسق المعتقدات يرتبط بطبيعة الإنسان، مزاجه وعالمه، وإطاره المرجعي المحلي، وطبيعة هذه المعتقدات تقف سلبا اتجاه التغير، فعادة لا تقبل هذه المعتقدات الرذوخ للتجديدات أو التحديث بطريقة سهلة.
والمعتقدات هي التي يطلق عليها القوى الخارقة وهي على نمط أو شكل المعتقدات والاتجاهات التي تنبع من الأنساق الدينية والأعراف والعادات والتقاليد السائدة في جماعة من الجماعات، وهي تمثل معيقا من معوقات التنمية الاجتماعية المحلية عند الرغبة في إحداث التغير.
4-   معوقات إدارية: وتتمثل هذه المعوقات في تعقد الإجراءات وتفشي الروتين والبطء الشديد في إصدار القرارات، وانتشار اللامبالاة والسلبية، وسيطرة المصالح الشخصية على علاقات العمل الرسمية، وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وصعوبة التنسيق بين الوحدات الإدارية الجديدة والأجهزة التقليدية القائمة، ونقص الكفاءات الإدارية المؤهلة والمدربة والقادرة على تحمل مسؤولية التنمية المحلية في المجتمعات المحلية، ويعود ذلك بالأساس لعدم الاهتمام بإدارة الموارد البشرية التي لها الدور الفعال في عملية التنمية المحلية،[12]
ويذكر "محمد شفيق" أهم معوقات التنمية المحلية من الناحية الإدارية وهي كالأتي[13]:
-     سوء إدارة المنشاة وعدم كفاءة الجهاز الحكومي.
-     سوء توزيع الاختصاصات وخاصة الفنية في بعض القطاعات.
-     ضعف الأداة التنفيذية وسوء إدارتها لبعض الوحدات الحكومية وبخاصة الوحدات المحلية.
-     عدم واقعية الأهداف ورفع الشعارات الرنانة المتعلقة بها.
-     تراخي الجهات الإدارية وضعف سلطاتها مما أدى إلى انتشار رقعة الفساد، وارتفاع الأسعار بشكل فاحش.
-     تسرب العمالة الماهرة الفنية والتقنية من كثير من القطاعات الإنتاجية الأساسية (أي هجرة الأدمغة).
-     عدم وجود سياسات فعالة لاستخدام وتوزيع القوى البشرية طبقا لاحتياجات التنمية المحلية الفعلية في المجتمع المحلي.
-     عدم التخطيط الجيد لمشاريع التنمية المحلية بما يتماشى والحاجات الأساسية للمجتمع المحلي.
5-   معوقات سياسية: تتميز معظم المجتمعات المحلية بخصائص سياسية تعيق عملية التنمية المحلية، ومن أهمها نذكر:
-     تفتقر معظم المجتمعات المحلية إلى المناخ الديمقراطي السليم مع ضعف المشاركة السياسية من قبل أفرادها، بسب ضعف مستوى أعضاء المجالس المنتخبة المساهمة في إدارة مقاليد التنمية المحلية.
-     سيطرة العلاقات والروابط التقليدية والقبلية على عملية اتخاذ القرارات السياسية بشأن برمجة المشاريع التنموية في المجتمعات المحلية.
-     تمركز القوة السياسية في المجتمعات المحلية في أيدي جماعات معينة، أي عدم توزيع السلطة توزيعا عادلا بين الجماعات السياسية المحلية ( غياب التداول السلمي على السلطة) فالسلطة تحتكر من قبل جماعة واحدة.
-     ضعف المشاركة السياسية وتدني مستوى الثقافة السياسية لدى مواطني هذه المجتمعات المحلية، بالإضافة إلى غياب الوعي السياسي والمشاركة السياسية لأفراده تتيح ولاشك الفرصة لتنفرد الصفوة الحاكمة بإتخاذ القرارات دون مناقش أو منافس أو منازع.
-     تتميز المجتمعات المحلية بالتغير السريع والفجائي والجذري وعدم الاستقرار السياسي نتيجة لغياب المشاركة السياسية الفعلية، الشيء الذي يعيق التنمية المحلية بشكل مباشر.[14]
-     الانسداد الحاصل في معظم المجالس المحلية المنتخبة نتيجة الصراعات الحزبية الضيقة، وضعف القوانين والتشريعات المنظمة لسير عمل هذه المجالس،أدى إلى انعدام ثقة المجتمع المحلي في هذه المجالس، الأمر الذي أدى في النهاية إلى تعثر التنمية المحلية.
-     أما" فريل هيدي" فإنه يحد بعض المظاهر الرئيسية للسياسة التي تحكم عملية التنمية في الدول النامية، والتي تنعكس حتما على سير عماية التنمية المحلية في المجتمعات المحلية لهذه الدول ومن بين هذه المظاهر مايلي[15]:
-     الإيمان بإيديولوجية تنموية كمصدر للأهداف السياسية الأساسية.
-     الاعتماد إلى درجة كبيرة على القطاع السياسي لتحقيق الأهداف المرجوة في المجتمع.
-     عدم الاستقرار السياسي.
-     قيادة نخبة عصرية يصاحبها هوة سياسية بين الحاكمين والمحكومين.
-     عدم وجود توازن في نمو المؤسسات السياسية.
لذلك يرى "فريل هيدي" أن مثل هذه المظاهر التي تتسم بها السياسة التي تسير عملية التنمية في الدول النامية، هي التي تمثل أحد أهم المعوقات السياسية في تلك الدول وهي دون شك تؤثر على عملية التنمية المحلية على المستوى الإقليمي والمحلي.
6-   معوقات اجتماعية: تتمثل المعوقات الاجتماعية في المجتمعات المحلية في النظم الاجتماعية السائدة، والعادات ، والتقاليد، والقيم الموروثة، التي تقف عقبة دون تحقيق التنمية المحلية، فقد يعوق نظام  الملكية السائد في مجتمع معين برامج ومشروعات التنمية المحلية، كما يعتبر نظام من النظم الاجتماعية التي تعيق مجهودات التنمية المحلية، كما توجد فئات في معظم المجتمعات المحلية ترغب في المحافظة على القيم، وتقف عقبة أمام ما هو جديد، فهم يخشون من تهديد هذه التنمية لمصالحهم، وما يصاحب ذلك من قضاء على ما يتمتعون به من حقوق وامتيازات، كما قد تنبع المقاومة كذلك من بعض مراكز القوى والنزاعات التقليدية والرجعية المحافظة،[16] ومن أهم معوقات التنمية المحلية نذكر:
·    الزيادة السكانية وأثرها على التنمية المحلية:
تعتبر الزيادة السكانية من بين أهم معوقات التنمية المحلية في المجتمعات المحلية خاصة في الدول النامية، وذلك لما يترتب عنها من أثار سلبية على التنمية المحلية والتي تعد بمثابة مؤشر للتخلف ومن أهم التحديات التي تواجه التنمية المحلية في المجتمع المحلي، وتتمثل أهم تلك الآثار فيما يلي:
-     تؤدي أي زيادة سكانية إلى نقص متوسط الدخل الفردي باعتبار متوسط دخل الفرد هو ناتج قسمة الدخل الكلي على عدد السكان.
-     تتأثر الخدمات المقدمة للسكان في المجتمع تأثيرا سلبيا خاصة الخدمات الرئيسية مثل ( التعليم والخدمات الصحية وتوفير المياه الصالحة للشرب ووسائل النقل والاتصالات والكهرباء .....الخ.) بزيادة عدد السكان بالنظر لمحدودية دخل الدولة بوجه عام وإمكانياتها في المجالات الخدماتية وهو ما يؤثر تنمية المجتمع المحلي.
-     تبتلع الزيادة الزيادة السكانية كل زيادة في الإنتاج وتستنزف كل عائد للجهد البشري المبذول.
-     يؤدي التزايد السكاني إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها المجتمع وبخاصة المجتمع المحلي، مما يلزم الدولة تخصيص مبالغ ضخمة لمواجهتها، كان بالإمكان توجيه تلك الأموال إلى الاستثمار الذي يعمل على تحريك عملية التنمية المحلية.[17] 
هذا وبالإضافة إلى مشاكل أخرى تتسبب فيها الزيادة السكانية في المجتمعات المحلية وعلى رأسها عدم التكفل الجيد بالطبقات الهشة في المجتمع المحلي من قبل الدولة في مجال الخدمة العمومية كالصحة والتعليم والسكن والغذاء وغيرها من ضروريات الحياة، وذلك نتيجة اهتمام السلطة المركزية بالمدن الكبرى وتناسي المناطق الداخلية المحلية، بسبب قلة الموارد من جهة كثرة السكان، وعدم كفاءة منظمات المجتمع المدني في المجتمعات المحلية والمنتخبين للضغط على السلطات المحلية والمركزية. 
·    التحولات وأثرها على التنمية المحلية: التحويلات هي الأموال التي يحولها العمال المهاجرون للأسرة والأصدقاء في الوطن، وهي تمثل الرابطة الأشد جلاء بين الهجرة والتنمية المحلية، وقد وصلت التحويلات المسجلة رسميا للبلدان النامية إلى 330 مليار دولار في عام 2008، ويصل إجمالي التحويلات على الأقل إلى ثلاثة أمثال المساعدات المالية الرسمية وهي أكبر مصدر للتمويل الخارجي لبلدان النامية،ففي الهند مثلا زادت التحويلات على 50 مليار دولار في 2008، وفي المكسيك تزيد التحويلات على التدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وهي حقوق حصيلة السياحة في المغرب، وإيرادات صادرات الشاي في سيريلانكا، وإيرادات قناة السويس في مصر ففي عام 2008 بلغت التحويلات أكثر من نصف إجمالي الناتج المحلي في طاجكستان وهايتي، وزادت على 10% من إجمالي الناتج المحلي لــ 23  بلدا.[18]وعلى اعتبار أن التحويلات هدايا وليست دخلا، فإن لها عواقب غير مقصودة تؤثر سلبا على عملية التنمية المحلية، مما يجعل التحويلات أحد أهم معوقات التنمية المحلية، ويعود ذلك للأسباب التالية.
فالمتلقون لهذه التحويلات المالية قد لا يتعبون أنفسهم كثيرا في البحث عن عمل أو لا يبذلون جهدا كبيرا في الدراسة، إذا كانوا يعلمون أنهم يستطيعون الاعتماد على هذه التحويلات لتكملة أجورهم، وقد أكد الباحثون على أن الذين يتلقون التحويلات يقللون من مشاركتهم في قوة العمل، وهناك عاقبة أكثر سوءا للتحويلات على التنمية الاقتصادية المحلية والرفاهة في المجتمع المحلي، هي تأثيرها على المؤسسات والحكومة، ذلك أن أسرة تتلقى تحويلات لن تهتم كثيرا بعد ذلك بنوعية المجالس المحلية المنتخبة ولا بنوعية الجهاز الإداري التنفيذي المحلي، وقدرتهم على توفير البنية التحتية والمؤسسات التي تسير التنمية المحلية، وإذا كانت الظروف بل إنها سترسل مزيدا من أعضائها للخارج وستستخدم داخل تحويلات للتعويض عن نقص الخدمات الحكومية، وتفقد الاهتمام بالضغط على الإدارة المحلية والحكومية لتوفير خدمات أفضل، ولن تشعر هذه الإدارة أو الحكومة بأنها مضطرة لتوفير هذه الخدمات لأنها تدرك أن هذه الأسر تستطيع أن تعول نفسها فتتدهور نوعية الإدارة المحلية والحكومة بالدرجة الأولى[19].
·       تغير المناخ وأثره على التنمية المحلية: يتسبب تغير المناخ في تفاقم التحديات المتزايدة على التنمية المحلية بشكل أخص، وينسب في إلحاق الضرر بالفعل بالبلدان النامية، عن طريق طرح تهديدات جديدة إضافة إلى زيادة انتشار ظاهرة الفقر في المجتمعات المحلية.
يمثل تغير المناخ تهديدا جادا وداهما على التنمية، فعدم التخفيف من أثار تغير المناخ يمكن أن يسبب إحترارا يصل إلى5 درجات مئوية في هذا القرن، هذا الاحترار الذي قد يضفي أنماط طقس جديدة، سيتطلب التصدي لها جهودا  ضخمة من أجل التكيف،ولكن مع هذه الجهود فقد يتعرض ما بين 100- 400 مليون نسمة لخطر الجوع، وتعاني من 1-2 مليار نسمة إضافية من نقص في المياه.
والبلدان النامية هي الأكثر تعرضا للخطر نتيجة تغير المناخ، حيث يقدر لها أن تتحمل ما يقارب من 80% من أثار تغير المناخ، ذلك أن احترارا قدره درجتان مئويتان سيؤدي إلى أدنى حد من الخسائر في البلدان الدخل، وإلى خسارة في إجمالي الناتج المحلي العالمي تبلغ في المتوسط 1%، لكنه يمكن أن يسفر عن انخفاض دائم بمقداره 4-5% في الدخل السنوي للفرد في إفريقيا وجنوب أسيا على حد سواء.[20]
إن التنمية المحلية كعملية حتمية في البلدان النامية لاقت أكثر من العقبات وخاصة في ظل النظام العالمي الجديد، وما يفرضه من صعوبات في استفادة تلك الدول من مزايا السوق العالمية، وكذا العصابات الإرهابية العابرة للحدود، التي كان من أثرها نفور الاستثمارات الأجنبية من الدول النامية نظرا لعدم توفر الأمن والاستقرار فيها، إضافة إلى ما ذكر أنفا من معوقات اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية وغيرها من العوامل الأخرى التي تعاني منها المجتمعات المحلية، وتقف عرضة لمسار التنمية المحلية في الدول السائرة في طريق النمو، مما يجعل تحقيق التنمية المحلية فيها غاية من الصعوبة ما لم تتخذ الإجراءات اللازمة، ابتداء من إعادة في المنظومة التشريعية، ومرورا بالحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية المميزة للمجتمع المحلي، وانتهاء بإعادة هيكلة المنظومة الإدارية بما يتماشى مع الإدارة الحديثة المؤهلة لتسير عملية التنمية المحلية وخصوصية المجتمع المحلي من خلال التركيز أكثر على وظائف إدارة الموارد البشرية التي تعتبر المحرك الرئيسي لمؤسسات الدولة ككل وتكييفها مع طبيعة وظروف المجتمعات المحلية.









تعد التنمية بشكل عام هاجس كل الدول خاصة الدول النامية منها، فالتنمية بكل أبعادها وعلى كافة مستوياتها تعطي وزنا واعتبارا ومكانه للدولة سواء على المستوى المحلي الداخلي( أفرادها، مواطنيها)، أو على المستوى الخارجي ضمن النسق الدولي، حيث تنطوي التنمية عموما على إحداث نوع من التغيير قي المجتمع أي ( إحداث تغيير مقصود ولكن قصد التطوير والتحسين)، لذلك جاءت التنمية المحلية لتكون أقرب إلى المواطن، فهي تعمل على تحسين أوضاعه وتلبية احتياجاته ، وتتجلى أهمية التنمية المحلية في تفعيل مجالاتها الاقتصادية، السياسية، الإدارية، الاجتماعية والبشرية بكل ما يخدم الإنسان لأنه المقصود من هذه التنمية، وهو الأساس المحوري الذي تبنى عليه التنمية المحلية على وجه الخصوص، والذي توجه إلى خدمته من جهة أخرى.
لذلك فإن جودة التنمية المحلية يتوقف على مدى فعالية مقوماتها وركائزها الأساسية في المجتمع.



- إحسان حفظي، علم اجتماع التنمية. مصر: دار المعرفة الجامعية، 2004، ص416، 418.[1]
- شاوش أخوان جهيدة، المجتمع المدني والتنمية المحلية، جمعيات الأحياء بمدينة بسكرة نموذجا. مرجع سابق، ص49.[2]
[3] - بومدين طاشمة، الحكم الراشد ومشكلة بناء قدرات الإدارة المحلية في الجزائر، (أطروحة دكتوراه)، تخصص تنظيم سياسي وإداري كلية العلوم السياسية والإعلام، قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر، 2007، ص 45.
- الطيب ماتلو، التنمية المحلية، معانات وأفاق، "مجلة الفكر البرلماني"، مرجع سابق، ص127.[4]
-علاء الدين عشي، مدخل القانون الإداري، التنظيم الإداري.دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع، الجزء الأول،2009، ص56-57.[5]
-عمار بوضياف، الوجيز في القانون الإداري. الجزائر: جسور للنشر والتوزيع،ط2، 2007،ص170.[6]
- محمد نصر مهنا، أساليب ووسائل تقوية الأجهزة المحلية. القاهرة، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، 2008، ص95.[7]
[8]- نذبر عبد الرزاق، قرواي احمد الصغير"دور الحكومة الالكترونية في تحقيق الأداء الحكومي" ورقة مقدمة إلى المؤتمر الدولي حول: الأداء المتميز للمنظمات والحكومات، جامعة ورقلة،08-09 مارس 2005، ص147.
- علي الكاشف، التنمية الاجتماعية المفاهيم والقضايا. مصر: الدار الجامعية، 2007، ص172.[9]
- نفس المرجع، ص173.[10]
[11]- فادية عمر الجولاني، تغير الاتجاهات والتكيف السلوكي في المجتمع المحلي. ترجمة فادية عمر الجولاني، مصر، المكتبة المصرية، ط1، 2009، ص118.
- حسين عبد الحميد أحمدرشوان، التنمية..اجتماعيا، ثقافيا، اقتصاديا، سياسيا، اداريا. مرجع سابق، ص231.[12]
- محمد شفيق، دراسات في التنمية الاجتماعية. مصر: المكتب الجامعي الحديث،2009، ص75-ص77.[13]
- محمد شفيق، مرجع سابق، ص79-80.[14]
[15] - فريل هيدي، الإدارة العامة منظور مقارن. ترجمة: محمد قاسم القريوتي 1983، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية 1985، ط2،1979، ص168.
- حسين عبد الحميد أحمد رشوان، التنمية....اجتماعيا،ثقافيا،اقتصاديا،سياسيا،إداريا،بشريا. مرجع سابق، ص225.[16]
- محمد شفيق، دراسات في التنمية الاجتماعية، مرجع سابق، ص50.[17]
[18] - دليب رشا، التحولات ودورها في التنمية..طرق النجاة للبلدان الفقيرة. ترجمة: مركزا لأهرام للنشر والترجمة والتوزيع، "مجلة التمويل والتنمية( صندوق النقد الدولي)"، مصر: مطابع الأهرام التجارية، المجلد 46، العدد 4، ديسمبر 2009، ص30.
[19] - رالف شامي وكونيل فولنكامب، التحولات ودورها في التنمية... عكاز ضعيف. ترجمة: مركز الأهرام للنشر والترجمة والتوزيع، "مجلة التمويل والتنمية ( صندوق النقد الدولي)"، مصر : مطابع الأهرام التجارية، المجلد 46، العدد4، ديسمبر 2009، ص31.
[20]- كيرك هاملتون وماريان فاي، مناخ متغير للتنمية. ترجمة: مركز الأهرام للنشر والترجمة والتوزيع، "مجلة التمويل والتنمية (صندوق النقد الدولي)"، مصر : مطابع الأهرام التجارية، المجلد 46، العدد 4، ديسمبر 2009، ص 10.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire