samedi 31 janvier 2015

أساليب وصيغ تمويل المؤسسات الصغيرة


تعتبر مشكلة التمويل أهم وابرز المشكلات التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إذ كثيرا ما تعود لتموت وتختفي بعد مدة قصيرة من نشأتها(3-5 سنوات)، لأنها تفتقر إلى المهارات الأساسية في إدارة الأمور المالية، أو لنقص التمويل.وتختلف حاجة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للتمويل باختلاف المرحلة التي تمر بها، فاحتياجات المؤسسة عند الانطلاق تختلف عن تلك الاحتياجات التي تظهر بعد الانطلاق، ففي المرحلة الأولى ( مرحلة الانطلاق) تحتاج المؤسسة الصغيرة والمتوسطة إلى التمويل طويل الأجل  لبدء نشاطها وتثبيت أقدامها في دنيا الأعمال، وذلك من اجل شراء الأصول الثابتة كالأراضي والمباني و الآلات، وهنا تظهر الحاجة إلى المصادر الداخلية للتمويل والتي تعني في هذه المرحلة المدخرات الفردية المملوكة لأصحاب المنشأة، أو قد تكون مدخرات بعض أقاربهم لكن هذه الأموال عادة ما تكون غير كافية، ولهذا في المقابل تظهر الحاجة إلى التمويل الخارجي، وغالبا ما تلجأ هذه المؤسسات إلى البنوك على اعتبار أنها غير مؤهلة لاقتحام الأسواق المالية بالمعنى الأوسع للكلمة. فمثلا في استخدام آليات البورصة بغرض التمويل أمر غير ممكن لهذا النوع من المؤسسات لأنها مجبرة للخضوع تحت ما يسمى بالنظرية المالية بنظرية الإبلاغ أو الإفصاح المسبق عن وضعيتها المالية أمام جهات رسمية تقرر درجة قدرتها المالية، ورغم أن البنوك كثيرا ما تحجم عن تمويل هذه المرحلة، إلا انه يمكن أن توافق على منح القروض لها، إذا وجدت من يجنبها -من أصحاب المؤسسة مخاطر التمويل، من خلال تقديم الضمانات سواء شخصية أو عينية، وتقوم حكومات بعض الدول بضمان قروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في هذه المرحلة.
وقد تتوافر إمكانيات أخرى للتمويل إذ يمكن الحصول على الأصول الثابتة من الآلات والمعدات بنظام الاستئجار أو  من بعض مؤسسات التمويل الحكومية التي أنشأتها الدول لمساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
مما سبق نستنتج أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عند تأسيسها تحتاج إلى تمويل طويل ومتوسط الآجل، ويمكن أن تعتمد في ذلك على عدة مصادر من أهمها التمويل الخاص، الاقتراض من الأصدقاء والأقارب، القروض البنكية طويلة الأجل، التمويل بالاستئجار... الخ.
هذا عن تمويل المؤسسات عند تأسيسها، بعد هذه المرحلة تأتي مرحلة أخرى في حياة المؤسسة، وهي مرحلة الازدهار والانطلاق، حيث تبدأ المؤسسة في تحقيق معدلات النمو المرغوبة ومن ثم زيادة المبيعات وكذلك الأرباح، ومع زيادة المبيعات تظهر الحاجة إلى زيادة التمويل من خلال تمويل دورة نشاط الاستغلال،وهذا النوع من القروض عادة ما تمنحه البنوك التجارية (أي القروض قصيرة الأجل). كما يمكن للمؤسسات أن تعتمد على الأرباح المحتجزة والتي تدخل ضمن التمويل طويل الأجل.
وسنتعرض فيما يلي إلى مصادر التمويل المختلفة المتاحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي يمكن أن تعتمد عليها، ونشير انه سوف نركز أكثر على صيغ التمويل التي تمنحها البنوك لأنها موضوع بحثنا.

المبحث الأول: صيغ التمويل الكلاسيكية (التقليدية)
1-1- التمويل طويل الأجل:
من المعروف أن التمويل طويل الأجل يكون موجها لتمويل نشاطات الاستثمار التي تختلف جوهريا عن عمليات الاستغلال من حيث موضوعاتها ومدتها، لذلك فإن هذه العمليات تتطلب أشكالا وطرقا أخرى للتمويل تتلاءم وهذه المميزات العامة. فكون نشاطات الاستثمار هي تلك العمليات التي تقوم بها المؤسسات لفترات طويلة  بهدف الحصول، إما على وسائل الإنتاج ومعداته وإما عقارات مثل الأراضي والمباني الصناعية و التجارية والإدارية، فهذا يعني أن الاستثمار إنفاق حالي ينتظر من ورائه عائد اكبر في المستقبل، ويتم هذا الإنفاق عادة مرة واحدة في بداية المدة، الأمر الذي يشكل عبئا ثقيلا على المؤسسات بصفة عامة وعلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بصفة خاصة نتيجة للضعف أو النقص الكبير في مصادر التمويل والصعاب التي تواجهها في الحصول عليه، إن وجدت هذه المصادر خاصة وأن عائدات هذه الاستثمارات تكون متقطعة وتتدفق خلال سنوات عمر الاستثمار.
 وتوجد أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عدة مصادر تحصل من خلالها على التمويل طويل الأجل وسنتعرض فيما يلي إلى أهم هذه المصادر:
1-1-1- الأموال الخاصة و الاقتراض من العائلة والأقارب:
تظهر الحاجة إلى هذه الأموال بشكل خاص عند التأسيس أو إنشاء المؤسسة، ونقصد بالأموال الخاصة رأس المال الذي يملكه صاحب المشروع، أو مجموعة من المساهمين، والتي تمثل الادخارات الفردية لهؤلاء المستثمرين، ولكن عادة ما تكون هذه الأموال غير كافية، لذا يلجأ صاحب المؤسسة إلى العائلة والأصدقاء للاقتراض،  وهنا يتوجب عدم الخلط بين العلاقات التجارية والعلاقات العائلية، إذا كان يراد الحصول على النتائج المرغوب فيها. 1
فعادة ما تظهر مشاكل في المعاملات المالية بين أفراد العائلة الواحدة أو بين الأصدقاء، حين يلجأ واحد منهم إلى طلب مشاركة الآخرين معه في إنشاء مؤسسة ما، وكيف تتم هذه المشاركة، مثلا على أساس الأمانة إلى حين، أو قروض مصحوبة بوعود مقطوعة لدفع عوائد عليها كلما تيسر الأمر، أو عند تحقيق أرباح أو دفع أرباح بصفة إلزامية كل فترة من الزمن بغض النظر عن نتائج الأعمال.
كما أنه قد يصاحب طلب القرض من العائلة أو الأصدقاء طلب المشاركة في إدارته أو ملكيته أو تشغيل بعض أفراد العائلة، أو أقارب الأصدقاء في المشروع ما قد يمثل عبئا حقيقيا على المشروع خاصة على المسير الذي يصبح في موقف ضعيف عندما يقدم على اتخاذ القرارات، ومثل هذا العبء يمكن أن يترجم في شكل تكلفة ضمنية للتمويل وقد تتسبب في حالة زيادتها في فشل المشروع". 1
1-1-2-القروض طويلة الأجل:
هي القروض التي تزيد آجالها عن خمس سنوات وقد تصل إلى عشر سنوات أو عشرين سنة، تمنح لتمويل الأنشطة والعمليات ذات الطبيعة الرأسمالية، أو بناء المصانع، وإقامة مشاريع جديدة 2تقدم مثل هذه القروض عادة من البنوك المتخصصة مثل البنوك العقارية التي تمنح قروضا قد تصل إلى عشرين عام، وذلك لتمويل عمليات البناء واستصلاح الأراضي وإقامة مشروعات الري والصرف، إلى جانب البنوك الصناعية والزراعية، فالأولى تقدم قروضا تتراوح مدتها بين 3 إلى 10 أعوام، بغرض إقامة المباني، المستودعات وشراء الآلات ومعدات الإنتاج ...الخ.3أما الثانية فهي لا تختلف كثيرا عن سابقتها من البنوك المتخصصة فهي تمنح قروضا طويلة الأجل لتطوير القطاع الزراعي. وذلك مقابل ضمانات عينية(الرهن العقاري، الرهن الحيازي) ونشير هنا انه كثير ما تراعي البنوك (البنوك الصناعية) أوضاع الصناعات الصغيرة من نواحي أسعار الفائدة والضمانات، كذلك كثيرا ما تقدم لها المشورة والنصح وتقوم بإجراء دراسات الجدوى لها بدون مقابل أو بمقابل رمزي.
ونتيجة لارتفاع المخاطرة في تقديم مثل هذه القروض، فإن البنوك بمختلف أنواعها تتشدد وتتخذ إجراءات وقائية، مثل أن تطلب من طالب القرض تعهد بعدم ممارسة أي نشاط آخر قد يؤثر على قدرته على السداد، أو طلب ضمانات إضافية كالعقارات والأراضي.
1-1-3- الأرباح المحتجزة:
إن الهدف الأساسي من نشاط المؤسسة هو تحقيق الربح، وتحدد الجمعية العامة للمؤسسة مصير الأرباح المحققة من خلال سياسة التوزيع التي تبين إذا كانت الأرباح ستوزع كلية أو سيحتفظ بجزء منها ويوزع الباقي على المساهمين، أم أن احتياجات المؤسسة تقتضي بأن يتم الاحتفاظ بكل الأرباح(4) لتغطية احتياجات المؤسسة الكثيرة والمختلفة، فالأرباح التي تحققها تعتبر مصدرا هاما من مصادر تمويلها، خاصة بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهذا بهدف إما توسيع نشاطها أو تخفيف عبء الاقتراض. (5)
 فالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي ترغب في توسيع نشاطها الإنتاجي خاصة الحديثة منها، تكون غالبا غير قادرة على الحصول على الأموال من مصادر خارجية، وبالتالي فإنه من الأفضل لها الاعتماد على الأرباح المحتجزة لمقابلة النمو، حتى تبلغ مرحلة النضج ثم تبدأ في توزيع الأرباح.(1)
كما انه في حالة وجود قروض خاصة القروض طويلة الأجل بنسبة مرتفعة في هيكل راس مال المؤسسة، يعكس حاجتها الملحة في الاحتفاظ بالأرباح، لأنها ستقلل من الأخطار التي تقابل الملاك، وتزيد من درجة أمان مركزهم المالي، حتى ولم يؤدي هذا التخفيض إلى زيادة مباشرة في العائد الذي يوزع عليهم.(2)
1-2 -التمويل المتوسط الأجل:
تمنح البنوك هذه القروض لمدة تتراوح بين سنة و 5سنوات ،وتلجأ المؤسسات إلى التمويل المتوسط الأجل(إلى جانب التمويل طويل الأجل) بغرض تمويل الجزء الدائم من استثماراتها في الرأسمال العامل المتداول، والإضافات على مجوداتها الثابتة، وتشمل مصادر التمويل هذه قروض المدة، وقروض الآلات والتجهيزات وتمويل الاستئجار، هذا الأخير يعتبر من الطرق المستحدثة في التمويل، سنتعرض له في المبحث التالي بشكل من التفصيل، أما الآن سنتعرض إلى المصادر الأخرى للتمويل متوسط الأجل .(3)
1-2-1 -قروض المدة:
تتراوح مدة هذه القروض بين 3 و5 سنوات الأمر الذي يعطي المقترض الاطمئنان والآمان ويقلل من مخاطر إعادة التمويل، أو تجديد القروض قصيرة الأجل. لأن درجة المخاطرة في التمويل قصير الأجل تكون عالية بالنسبة للمؤسسة المقترضة، لأنه إذا وصل تاريخ استحقاق القرض فإنه من المحتمل أن لا يوافق البنك على تجديد القرض،رغم تسديد المؤسسة لما عليها،  أو أن يجدد القرض بمعدل فائدة وشروط مجحفة في حق المؤسسة، ويمكن الحصول على مثل هذه القروض من مصارف التمويل المتوسطة والطويل الأجل، ومن المصارف المتخصصة.
ويفرض معدل الفائدة على أساس المدة التي استخدم فيها القرض، أما تحديده فيتم على ضوء مستوى أسعار الفائدة السائدة في السوق، حجم القرض، تاريخ استحقاقه، والأهلية الائتمانية للمؤسسة المقترضة، ويتم تسديدها عن طريق أقساط دورية متساوية تدفع ثلاثيا أو نصف سنويا أو سنويا. وقد لا تكون أقساط التسديد متساوية أو تكون متساوية باستثناء آخر دفعة التي تكون اكبر من سابقاتها.(4)
1-2-2 -قروض التجهيزات:
تمنح هذه القروض للمؤسسات عندما تقدم على شراء آلات أو تجهيزات، وتدعى هذه القروض قروض تمويل التجهيزات، ويمنح مثل هذه القروض إلى جانب البنوك (سواء التجارية أو الإسلامية) الوكلاء الذي يبيعون هذه التجهيزات، شركات التأمين، وصناديق التقاعد والتأمين الاجتماعية، وتمول الجهة المقرضة ما بين 70% إلى 80% من قيمة التجهيزات التي يمكن تسويتها بسرعة، مثل الشاحنات والسيارات، والباقي يبقى كهامش أمان للممول، ويوجد شكلان تمنح بموجبها قروض التجهيزات هما عقود البيع المشروطة والقروض المضمونة يكون في حالة البيع بالتقسيط، حيث يحتفظ وكيل الآلات أو التجهيزات بملكية الآلة إلى أن تسدد المؤسسة الصغيرة و المتوسطة قيمتها، ويقدم الزبون دفعة أولية عند الشراء ويصدر أوراق وعد بالدفع (كمبيالات) بقيمة الأقساط المتبقية من قيمة الأصل كما يمكن استخدام هذه التجهيزات كضمان للحصول على القروض من البنك، وبهذا يضمن البنك حقه إذا تأخرت المؤسسة عن تسديد دفعات القرض.(1)
المبحث الثاني: التمويل قصير الآجال:
نقصد بالتمويل القصير الأجل تمويل نشاط الاستغلال، بمعنى تمويل العمليات التي تقوم بها المؤسسة في الفترة القصيرة والتي لا تتعدى في الغالب 12 شهرا. ويوجه هذا التمويل لتغطية الاحتياجات التي تبرز على مستوى حسابات المدنين والدائنين والعلاقة بين مجموع هاته الكتل من الحسابات تشكل ما يعرف برأس المال العامل ،الذي يمكن تمويله بصيغ أهمها مايلي:
2-1-السلفات البنكية:
تعتبر القروض البنكية المصدر الثاني الذي تعتمد عليه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من حيث الأهمية في تمويل دورة  الاستغلال، ونتيجة للطبيعة المتكررة لنشاطاتها، فإنها تحتاج إلى نوع معين من التمويل يتلاءم مع هذه الطبيعة، و هذا ما دفع البنوك إلى اقتراح طرق وتقنيات متنوعة لتمويل هذه النشاطات ، تماشيا مع السير الحسن لعمليات الإنتاج والتوزيع...الخ. وتضمن التكيف مع عدم الاستقرار الذي يخضع له النشاط و اختلاف المشكلة التمويلية،وتتناسب مع نشاط المؤسسات، من حيث طبيعة النشاط الذي تزاوله المؤسسة (تجاري، صناعي، زراعي، خدمي) أو حسب الوضعية المالية للمؤسسة أو الهدف من القرض .(2) 
ولعل أهم القروض التي تتلقاها المؤسسات الصغيرة و المتوسطة:

2-1-1-القروض العامة:
توجه هذه القروض لتمويل الأصول المتداولة بصفة عامة، دون تخصيص ما، وتلجأ إليها المؤسسة لمواجهة صعوبات مالية مؤقتة، ويمكن تقسيمها( القروض ) إلى:
أ-تسهيلات الصندوق:
هي قروض عرضية لمواجهة صعوبات السيولة المؤقتة التي تعترض المؤسسة، بسبب الاختلال البسيط بين الإيرادات والنفقات الناتج عن وصول مواعيد استحقاق الفواتير المسحوبة على المؤسسة، ويسمح البنك في هذه الحالة للمؤسسة بسحب مبلغ يزيد عن رصيدها الدائن لفترة محددة عادة ما تكون عدة أيام عند نهاية الشهر، للقيام بتسديد ما عليها من التزامات عاجلة (تسديد الفواتير، دفع الأجور،...الخ)، ويقوم البنك بحساب اجر هذا التسهيل على أساس الاستعمال الفعلي له، وكذلك على أساس المدة الزمنية الفعلية، أي تلك المدة التي يبقى فيها الحساب مدينا،  وينبغي على البنك مراقبة استعمالات هذه القروض لأن الاستعمال المتكرر له والذي قد يتجاوز الفترة العادية المسموح بها  قد يحوله إلى مكشوف ويزيد من احتمالات ظهور الأخطار المرتبطة بتجميد أموال البنك.(1)
ب-السحب على المكشوف:
يقصد بالسحب على المكشوف أن يسمح البنك للمؤسسة بسحب مبلغ يزيد عن رصيدها الدائن، على أن يفرض البنك فائدة تتناسب والفترة التي تم خلالها سحب مبلغ يزيد عن الرصيد الدائن للمؤسسة و يتوقف البنك عن حساب الفائدة بمجرد أن يعود الحساب إلى حالته الطبيعية.(2)
 ونلاحظ أن كلا من تسهيل الصندوق والسحب على المكشوف يسمح للمؤسسة بسحب مبلغ يفوق رصيدها الجاري، غير أنهما يختلفان في نقطتان أساسيتان هما:
-التسهيل لا تتجاوز مدته 15 يوما كحد أقصى أما المكشوف فقد تصل مدته إلى سنة كاملة.
-المكشوف يعتبر تمويل حقيقي للمؤسسة، إذ بإمكانها الاستفادة منه في شراء السلع بكميات كبيرة في حالات انخفاض أسعارها، عكس التسهيل الذي هو قرض يمتد لعدة أيام، تستفيد منه المؤسسة فقط في تسديد الأجور والفواتير.
          ويعبر السحب على المكشوف على الحاجة الملحة في استعمال رأس المال العامل وبشكل متسارع، وهذا ما يفقد المؤسسة السيولة اللازمة في الأجل القصير واستعمال هذا النوع من التمويل ينتج عنه تحمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تكلفة إضافية، قد تكون غير مرغوبة من قبل أصحاب هذه المؤسسات، خلافا لما يحدث مع المؤسسات الكبيرة الحجم، فهذه الأخيرة بإمكانها تحويل السحب على المكشوف إلى أشكال تمويلية أخرى تجعل منه على سبيل المثال تمويلا يصنف ضمن المدى المتوسط، كما قد تجعل منه ورقة تجارية قابلة للتداول بعد تعهد المؤسسة بذلك إلى البنك المتعامل معه.
  تحدد تكلفة السحب على المكشوف من خلال ما يفرضه البنك على العملية من عمولات تضاف إلى سعر الفائدة الرسمية المطبقة، وتتراوح هذه العمولات بين:
-عمولات ثابتة ومتغيرة.
-مصاريف الإبقاء و على الحساب.
-عمولة مطبقة على تجاوز الحد الأعلى من السحب على المكشوف المسموح به.
لمعرفة التكلفة الحقيقية للسحب على المكشوف نستخدم العلاقة التالية: (1)
Tr = P(D/D-2)
حيـث:
 P : تعبر على سعر الفائدة السنوي المطبق على السحب المكشوف.
D :الوقت المسموح به بالأيام عند استخدام السحب على المكشوف.
Tr :عبارة عن المعدل الحقيقي للسحب على المكشوف.
ج-قروض الموسم:
إن أنشطة الكثير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تكون غير منتظمة على طول دورة الاستغلال، حيث تكون دورة الإنتاج ودورة البيع موسمية، مما يجعل   النفقات تتزامن مع الفترة التي  يحصل أثناءها الإنتاج، وتقوم ببيع هذا الإنتاج في فترة لاحقة، ويمكن أن نورد أمثلة على هذه العمليات مثلا نشاطات إنتاج وبيع اللوازم المدرسية، وكذلك إنتاج وبيع المحاصيل الزراعية، ففي المثال الأول يتم إنتاج اللوازم المدرسية في فترة معينة، ولكن بيعها وتحصيل قيمة المبيعات تكون في اغلب الأحيان خلال فترة الدخول المدرسي، أما بالنسبة للمثال الثاني فتحصيل قيمة مبيعاتها تكون بعد جني المحصول. وهنا تظهر مشكلة التمويل أو نقصه بسبب الفترة الفاصلة بين عمليتي  الإنتاج والبيع أو التسويق وتحصيل قيمة المبيعات، لذا عمدت البنوك إلى تقديم وتكييف نوع خاص من القروض لمثل هذه النشاطات، وهذه القروض تسمى بالقروض الموسمية، وهي تستعمل لمواجهة الاحتياجات الناجمة عن النشاط الموسمي، ونشير إلى أن البنك لا يقوم بتمويل كل التكاليف الناجمة عن هذا النوع من النشاط وإنما يمول جزء فقط منها، وبما أن هذا النوع من القروض تعتبر قروض استغلال مدتها لا تتجاوز السنة وهي عادة ما تمتد لمدة 9 اشهر.
ولكن قبل أن يقدم البنك القرض للمؤسسة فهو يشترط عليها أن تقدم له مخططا للتمويل، يبين زمنيا نفقات النشاط وعائداته وعلى أساسه يقوم البنك بتقديم القرض، وتقوم المؤسسة أثناء تصريف الإنتاج  بتسديد هذا القرض وفقا  لمخطط الاستهلاك الموضوع مسبقا.(1)
2-1-2- القروض الخاصة:
خلافا للقروض السابقة توجه هذه القروض عموما إلى تمويل أصل محدد بعينه، تأخذ أحد الأشكال التالية:
أ-تسبيقات على البضائع:
التسبيقات على البضائع: عبارة عن قرض لتمويل مخزون معين والحصول مقابل ذلك على بضائع كضمان للمقرض، ويجب على البنك قبل تقديم القرض التأكد من وجود البضاعة وطبيعتها، ومواصفاتها وثمنها في السوق إلى غير ذلك من الأمور المتعلقة بالبضاعة، كما ينبغي عليه أن يتوقع هامشا ما بين مبلغ القرض المقدم وقيمة الضمان للتقليل اكثر ما يمكن من الأخطار، ويعتبر التمويل مقابل سند الرهن من احسن الضمانات التي يمكن أن تعتمد عليها البنوك في هذه الحالة، ولقد اثبت الواقع أن هذا النوع من
القروض يمنح لتمويل المواد الأساسية كالقهوة وغيرها ويستعمل في الجزائر لتمويل السلع المصنعة ونصف المصنعة.
ب-تسبيقات على الصفقات العمومية:
الصفقات العمومية عبارة عن اتفاقات للشراء، وتنفيذ أشغال لفائدة السلطات العمومية (الإدارة المركزية، الوزارات، الجماعات المحلية، المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري). من جهة والمقاولين أو الموردين من جهة أخرى، ونتيجة لأهمية هذه المشاريع وحجمها فإن المقاولين المكلفين بالإنجاز كثيرا ما يجدون أنفسهم بحاجة إلى أموال ضخمة غير متاحة في الحال لدى هذه السلطات، لذلك يضطرون إلى اللجوء إلى البنك للحصول على هذه الأموال لتغطية الصفقة، وتمنح البنوك في هذا الصدد  نوعيـن مـن القـروض:
-الكفالات .
-القروض الفعلية.
*منح كفالات لصالح المقاولين.
تمنح هذه الكفالات من طرف البنك للمكتتبين في الصفقة (Soumissionnaire) وذلك لضمانهم أمام السلطات العمومية،وتمنح هذه الكفالات عادة في أربع حالات:
  كفالة الدخول إلى المناقصة، كفالة حسن التنفيذ، كفالة اقتطاع الضمان وأخيرا كفالة التسبيق.
-كفالة الدخول إلى المناقصة:
 يعطي البنك هذه الكفالة للمقاول حتى يتفادى عدم دفع مبلغ التعويض في حالة انسحابه من تنفيذ المشروع الذي فاز بمناقصته.
-كفالة حسن التنفيذ:
يمنح البنك هذه الكفاءة لتفادي قيام المؤسسة بتقديم النقود كضمان لحسن تنفيذ الصفقة وفق المقاييس المناسبة.
-كفالة اقتطاع الضمان:
عند الانتهاء من إنجاز المشروع تقوم الإدارة صاحبة المشروع باقتطاع مبلغ معين من قيمة الصفقة وتحتفظ بها لمدة معينة حتى تتأكد من حسن تنفيذها، وحتى يتفادى الزبون تجميد هذا المبلغ فإنه يلجأ إلى البنك الذي يقدم له هذه الكفالة (كفالة اقتطاع الضمان) ويقوم البنك بدفعها فعليا إذا ما ظهرت نقائص في المشروع قبل انتهاء فترة الضمان.
-كفالة التسبيق:
تمنح الإدارة صاحبة المشروع تسبيقات للمقاولين الفائزين بالصفقة، ولكن شرط أن يحصلوا هؤلاء على كفالة التسبيق من طرف أحد البنوك.
ب- منح قروض فعلية:
يوجد ثلاثة أنواع من القروض التي يمكن أن تمنحها البنوك لتمويل الصفقات العمومية، قرض التمويل المسبق ، تسبيقات على الديون الناشئة والمسجلة.
- قرض التمويل المسبق:
تقدم البنوك هذه القروض عندما يعاني المقاول من عسر مالي عند انطلاق المشروع ولا تتوفر لديه الأموال الكافية ليبدأ في الإنجاز، ويعتبر بالنسبة للبنك قرض على بياض لنقص الضمانات.
- تسبيقات على الديون الناشئة وغير مسجلة:
في بعض الحالات ينجز المقاول نسبة مهمة من الأشغال ولكن الإدارة لم تسجل ذلك، فيقوم المقاول أو المؤسسة بطلب تعبئة الديون (أي طلب قرض من البنك، بناءا على عقد عن ما تم إنشاؤه من المشروع دون أن يتأكد من أن الإدارة سوف تقبل بالمبالغ المدفوعة).
- تسبيقات على الديون الناشئة والمسجلة:
تمنح هذه التسبيقات عندما تصادق الإدارة (أي تعترف) على الوثائق الخاصة التي تسجل انتهاء جزء من الأشغال ويتدخل البنك لمنح هذه القروض للزبون لكون الدفع يتأخر عن الانتهاء من الأشغال.
2-1-3-الخصم التجاري:
الخصم التجاري شكل من أشكال القروض القصيرة التي تمنحها البنوك، وتعد عملية الخصم بالنسبة للمؤسسة وسيلة من وسائل الدفع، فالمؤسسة ولغرض إثبات ديونها على الغير تتعامل بالأوراق التجارية (كالكمبيالات و سند لأمر...) وتنتظر الحصول على قيمة الورقة التجارية في الموعد المحدد، لكن ضرورات نشاط الاستغلال كثيرا ما تجعل المؤسسات حاملة الورقة محتاجة إلى المال لتسوية التزاماتها ، فتلجأ إلى  تحصيل  قيمتها في شكل سيولة من خلال خصمها لدى البنك، وبالتالي فإن الخصم التجاري هو قيام البنك مقابل هذه العملية بدفع مبلغ الورقة التجارية للعميل قبل تاريخ الاستحقاق، و في المقابل يستفيد البنك من ثمن يسمى سعر الخصم ويطبق هذا المعدل على مدة الانتظار فقط وتنتقل إليه كل حقوق المستحق الأصلي. (1)
2-1-4- القروض بالالتزام.
 يمتاز هذا النوع من القروض عن غيره بأن منح القرض لا ينتج أو ينجز عنه أي تدفق صادر للأموال من البنك، بل أن هذا الأخير يتدخل كمتعهد لضمان المؤسسة من خلال التوقيع على وثيقة يتعهد فيها
بذلك، وتسمى هذه الوثيقة بالضمان أو الكفالة، وعلى البنك قبل التوقيع التأكد من الملاءة المالية للمؤسسة لأنه بمجرد التوقيع للمؤسسة لأنه بمجرد التوقيع تصبح العملية بالنسبة للبنك التزاما لا يمكن التخلص منه مقارنة بما يحصل على مستوى تسهيلات الصندوق وتصنف القروض بالالتزام إلى:
-الضمان الاحتياطي:
يعتبر صورة من صور الاقتراض يمنحه البنك للمؤسسة عندما تتعاقد مع جهة إدارية في صفقة بيع أو توريد أو أشغال عامة، ويضمن البنك المؤسسة في حدود مبلغ معين في حالة عدم تنفيذ التزاماتها، فمضمون هذا القرض أن يوقع البنك كضامن احتياطي على ورقة تجارية لصالح المؤسسة ويتحصل البنك في المقابل على عمولة.(1)
الكفالـة:
الكفالة عقد يتعهد بموجبه البنك بتسديد جزء أو كل ديون المؤسسة إذا لم تف بها، وتكون في شكل وثيقة يتعهد فيها البنك برصد مبلغ معين لغاية تاريخ معين كضمان لتنفيذ المؤسسة لالتزام ما اتجاه طرف ثالث عادة ما يكون منشأة حكومية، كما تستفيد منها المؤسسة في علاقتها مع الجمارك وإدارة الضرائب، مثلا تشترط الجهات الحكومية في بعض الأحيان كفالة مصرفية على المؤسسة التي رست عليها الصفقة حتى تتأكد من جديتها في تنفيذ المناقصة. وتحمل المنشأة الحكومية على قيمة الكفالة في حالة تهرب المؤسسة من إنجاز العمل الذي تعهدت به، وهكذا فالكفالة تغني عن تجميد الأموال وعن إجراءات سحبها خاصة بالنسبة لمصالح الحكومة في حالة عدم تنفيذ الالتزام، ومما سبق يتضح لنا أن للكفالة 3 أطراف.(2)
1-البنك: وهو الضامن الذي أصدر الكفالة.
2-المؤسسة: وهي طالبة الكفالة.
3-المستفيد: وهي الجهة التي أصدرت الكفالة لصالحها.
ويزداد الطلب على الكفالة عند انعدام الثقة بين المؤسسة والطرف الآخر كما يمكن أن يصدرها البنك لصالح مؤسسة من خارج البلاد وهذا يتطلب الحصول على إذن من سلطة التحويل الخارجي لتفادي خروج العملة الصعبة.
2-2- الائتمان التجاري.
يعتبر التمويل التجاري أحد أنواع التمويل قصير الأجل، وتتحصل عليه المؤسسة من الموردين، ويتمثل في قيمة المشتريات الأصلية للسلع التي تتاجر فيها أو تستخدمها في عمليات الإنتاج، ويلعب الائتمان التجاري دور بالغ الأهمية في تمويل الكثير من المؤسسات خاصة التجارية منها، والمؤسسات الصغيرة التي تجد صعوبة في الحصول على القروض المصرفية ذات التكلفة المنخفضة، أو تعاني من عدم كفاية راس مالها العامل في تمويل احتياجاتها التجارية.(1)
وتعتمد المؤسسات على هذا النوع أو المصدر في التمويل أكثر من اعتمادها على الائتمان المصرفي نتيجة للمزايا التي يتمتع بها هذا النوع من الائتمان، ويمكن أن نذكر أهم مزاياه فيما يلي:
- سهولة الحصول عليه:
فهو لا يتطلب تلك الإجراءات المعقدة والمتعددة التي يتطلبها الاقتراض من البنك أو غيره من المنشآت المالية، وعادة لا توجد طلبات رسمية لا بد من تحريرها أو مستندات يجب توقيعها، بل نجد الموردين يكونون عادة على استعداد لإعطاء عملائهم مهلة للسداد إذا كانت ظروفهم المالية لا تسمح بالدفع في التاريخ المحدد.
- المرونة:
إن الائتمان التجاري مصدر من مصادر التمويل حيث تستعمله المؤسسة كلما أرادت ذلك بالكيفية التي تحتاجها، كما أن استخدامه يترك أصول المؤسسة دون مساس، لأن المورد نادرا ما يطلب رهن أصول المؤسسة مقابل الحصول على الا ن، وهذا ما يسمح للمؤسسة بالحصول على أموال إضافية من مصادر أخرى بضمان أصوله.
و تدخل تكلفة الائتمان في سعر البضاعة، يعتمد على مقدار الخصم النقدي الذي يمنحه المورد للمؤسسة، إذا ما سددت هذه الأخيرة قيمة المشتريات خلال فترة قصيرة من تاريخ تحرير الفاتورة وقبل موعد الاستحقاق.(2)
وقد لا تجد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بديلا مناسبا للقروض التجارية التي تدخل في عداد التمويل المجاني في حالة غياب الخصم النقدي، وعرض المورد للخصم النقدي يجعل المؤسسة أمام خيارين ، الخيار الأول وهو القبول بالعرض وبالتالي يجب  أن توفر المبلغ النقدي قبل تاريخ الاستحقاق، وبذلك الاستفادة من حجم الخصم، والخيار الثاني هو الرفض ومن ثم  انتظار اجل الاستحقاق المتفق عليه وهذا
 سيعطي انطباعا سيئا عن الوضعية المالية للمؤسسة، ويؤثر على العلاقة بين المورد والمؤسسة، وكذلك على السمعة التجارية لها لدى الذين يقدمون الائتمان التجاري.
وتبرز ظاهرة الائتمان التجاري بشكل واضح عندما يتعلق الأمر بتعامل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مع المؤسسات الكبيرة الحجم، فهذه الأخيرة عادة ما تكون على قدر كاف من السيولة في الآجال القصيرة، تسمح لها بمنح آجال معتبرة للمؤسسة واضعة بذلك نفسها موقع البنك في تمويل نشاطات الاستغلال.(1)

2-3-الاقتراض من السوق غير الرسمي:
تنشأ الحاجة إلى هذا السوق بسبب عدم كفاية الموارد الذاتية، أو المستمدة من الأقارب والأصدقاء، وهو يحتل المرتبة الثانية وأحيانا المرتبة الأولى من ناحية الأهمية بالنسبة للدول النامية، فقد بينت إحصائيات عام 1987 التي قام بها البنك الدولي بأن السوق غير الرسمي قد مول أكثر من 99 % من هذه المؤسسات وتمنح هذه السوق قروض صغيرة ولفترات قصيرة أو قصيرة جدا، وبأسعار فائدة قد لا تبدو مرتفعة كثيرا مقارنة بالأسعار الجارية في السوق الرسمي.
ولكن ذلك فقط من الناحية الشكلية إلا أن فائدة هذا السوق تحسب على الأيام أو الأشهر، بنفس المعدلات السائدة في السوق الرسمي عن السنة الكاملة.
وبالتالي يصبح المعدل السنوي للفائدة في السوق غير الرسمي مرتفعا بشكل مفزع، كما أن المقترضون لا يستفيدون من فترة سماح قبل أن يبدأ السداد، كما أن المقرضون يشددون كثيرا فيما يتعلق بالضمانات المالية لتأمين عمليات الاقتراض، ولا يترددون في الاستيلاء عليها في حالة إعسار المقترضين، وبالتالي فإن الإقراض من السوق غير الرسمي يشكل عبئا ثقيلا على المؤسسات الصغيرة وأحيانا ربما يكون السبب في إفلاس بعضها.(2)
المبحث الثالث:الصيغ المستحدثة لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
3-1- التمويل ألتأجيري:
لقد تطرقنا في المباحث السابقة إلى مصادر التمويل التقليدية أو الكلاسيكية والمعروفة في مالية المؤسسة، والتي تتمثل في القروض بمختلف أنواعها .
كل هذه المصادر معروفة ومستعملة في الاقتصاد الجزائري، إلا أنها تمثل عبئا على المؤسسات، خاصة الصغيرة والمتوسطة نتيجة لمحدودية قدرتها التمويلية، لذلك ظهرت الحاجة إلى البحث عن طرق أخرى لتمويل الاستثمارات يكون من أهم خصائصها تجنب عراقيل طرق التمويل الكلاسيكية.
ويعتبر الائتمان الايجاري فكرة حديثة للتجديد في طرق التمويل وان كانت هذه الطريقة لا زالت تحتفظ بفكرة القرض فإنها قد أدخلت تبديلا جوهريا في طبيعة العلاقة التمويلية بين المؤسسة المقرضة والمؤسسة المقترضة، ورغم حداثة هذه الطريقة، فإنها تسجل توسعا سريعا في الاستعمال لإقدام المستثمرين عليها بالنظر إلى المزايا العديدة التي يقدمها لهم و فيما يلي سنحاول التعرف على هذا المصدر الجديد من مصادر التمويل من حيث مفهومه وأشكاله.

3-1-1- ماهية الائتمان الايجاري وخصائصه.
في البداية نشير أن هناك اختلاف وتعدد للمصطلحات المترجمة للكلمة الأصلية "Leasing" باللغة الإنجليزية "Crédit bail " باللغة الفرنسية ولكن مجمل هذه المصطلحات تشير إلى نفس الشيء أي إلى الائتمان الايجاري واهم هذه المصطلحات "الاعتماد الايجاري، القرض الايجاري، تمويل الأصول الثابتة...الخ.
لقد أضحى الائتمان الايجاري أو الاعتماد الايجاري من الخدمات الشائعة والواسعة الاستعمال في معظم الدول الغربية المتقدمة، بوصفه وسيلة تسمح للمؤسسة الحصول على الأصول الإنتاجية اللازمة لاستمرار دوران دولاب العمل والإنتاج وهذا سواء في الفترة القصيرة أو الفترة الطويلة، ويشمل الائتمان الايجاري اصغر الأشياء كجهاز الكمبيوتر والشاحنات إلى الآلات الضخمة كالطائرات المباني، البواخر، وعملية التأجير كانت معروفة منذ القدم من أيام السومرين2000  عام قبل الميلاد، وسجلت  أول عملية تأجير في بريطانيا سنة 1855 وهذا بتأجير عربات السكك الحديدية، ولكن ظهوره بالشكل المعروف عليه الآن فقد كان في مرحلة حديثة من تطور نظم الائتمان، وتعود بداية انتشاره خلال الحرب العالمية الثانية عندما قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتأجير المعدات العسكرية لكل من بريطانيا وروسيا، وانتشر بعد ذلك في كافة أنحاء أوروبا وقد ساعد على ظهوره عدة عوامل نذكر منها مسايرة التطورات التكنولوجية الهائلة في وسائل الإنتاج وسرعة تقادمها بظهور تجهيزات إنتاج أحدث، وبما انه من الصعب امتلاك هذه التجهيزات الحديثة، كان استئجارها والاستفادة منها واستغلالها دون تملكها أحسن حل لمواجهة هذه المشكلة، إضافة إلى أن ارتفاع تكلفة هذه التجهيزات انعكس على تسويقها وهذا قد يسبب تعطيلا كبيرا للعملية الإنتاجية، وبهذا كان الإئتمان الايجاري وسيلة أساسية لترقية
الطلب على المنتجات الصناعية وعطاء دفع قوي لنمو الصناعات الإنتاجية، هذا إضافة إلى أن انخفاض قيمة النقود، والظروف التضخمية والإجراءات الصعبة التي يتطلبها الاقتراض طويل الأجل و ضعف التمويل الذاتي ساهموا بشكل كبير في ظهور الائتمان الايجاري.
وتزايدت أهمية عمليات الائتمان الايجاري خاصة مع بداية الثمانينات حيث أصبحت أحد مصادر التمويل الاستثماري لاسيما مجال الصناعات التحويلية، حيث شكل التأجير 30% من اجمالي الاستثمار الصناعي (خلاف التمويل الذاتي) في المملكة المتحدة وأكثر من 12% من اجمالي استثمار المصانع، وبلغت الأصول محل التأجير في الولايات المتحدة الأمريكية اكثر من 100 مليون دولار في بداية الثمانينات.
    ونتيجة لأهميته فإنه اليوم أصبحت الإدارات المالية للمؤسسات المتوسطة والكبيرة، حتى المنتج الصغير في المشروعات الصغيرة يقومون بالمفاضلة بين الاقتراض المباشر من البنوك بشكل خاص والتمتع بخدمة الائتمان الايجاري.
3-1-2- تعريف الائتمان الايجاري وأشكاله.
3-1-2-1-تعريف الائتمان الايجاري:
"هو عبارة عن عملية يقوم بموجبها بنك أو مؤسسة مالية أو شركة تأجير مؤهلة قانونا لذلك، بوضع آلات أو معدات أو أية أصول مادية أخرى بحوزة مؤسسة مستعملة على سبيل الإيجار مع إمكانية التنازل عنها في نهاية الفترة المتعاقد عليها، ويتم التسديد على أقساط يتفق بشأنها تسمى ثمن الإيجار.(1)
بمعنى أن الائتمان الإيجاري هو عقد يبرم بين طرفين يسمى الأول بالمؤجر (مالك الأصل) والثاني المستأجر (مستخدم الأصل)، حيث يقوم الأول بمنح الثاني حق استخدام الأصل خلال فترة زمنية معينة، ويتم التسديد على أقساط يتفق بشأنهما وذلك مقابل قيمة ايجارية محددة يتم تسديدها في شكل أقساط لنفس الفترة المتفق عليها في العقد المبرم، ولعل من ابرز مزايا الاستئجار أن المستأجر يقوم باستخدام الأصل دون الالتزام بشرائه، وهنا يبرز الوجه التمويلي من عملية الإيجار من انه بدلا من استخدام راس المال المملوك أو راس المال المقترض كأساس لتمويل عمليات شراء الأصول، فإنه بالإمكان استخدام الاستئجار مباشرة كبديل تمويلي معوض لعملية تحصيل الأموال المرغوبة للاستفادة من خدماتها الاقتصادية ودون الالتزام بشرائها".(2)
نشير أن اللجوء إلى استئجار الأصول بدلا من تملكها يحقق مرونة كبيرة على مستوى عمليات الاستغلال للمؤسسة، خاصة إذا تعلق الأمر بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما انه يسمح بتخفيض مخاطر التقادم التكنولوجي بالنسبة للمستأجر كما سبق وأن أشرنا، وكذلك تخفيض مخاطر حجم الطلب الذي ينعكس مباشرة على عدم القدرة في تحديد الحجم الأمثل للإنتاج.
انطلاقا من هذه الدوافع وغيرها تبقى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبقدراتها المالية المحدودة أكثر استخداما للتمويل عن طريق الاستئجار.
وتختلف أشكال الائتمان الايجاري باختلاف مدة ومصير عقد الائتمان في نهاية المدة ولا يمس هذا التمييز بين مختلف أشكال الفن المالي بالخصائص الجوهرية المرتبطة بالطبيعة التمويلية، ونوعية وموضوع السلع محل الائتمان ويمكن ذكر بعض أشكال الائتمان الايجاري فيما يلي:



3-1-2-2-أشكال الائتمان الايجاري:
أ-التأجير التشغيلي:
في هذا النوع من التأجير يستخدم المستأجر الأصل خلال مدة زمنية قصيرة مقارنة بالعمر الإنتاجي له، لهذا فإن ملكية الأصل تبقى في حوزة الجهة المؤجرة، بمعنى انه هناك فصل كامل بين ملكية الأصل الفعلية واستعمال المؤجر للأصل.
ويكون هذا التأجير مرفقا بتقديم خدمات أخرى، أي ما يعرف باستئجار الخدمات، فهنا تكون المؤسسة المؤجرة هي نفسها منتج الأصل محل الاهتمام (آلات، معدات) وتتحمل مسؤولية الصيانة وتوريد قطع الغيار للمؤسسة المستأجرة.
ونلاحظ أن الأصل لا يتم إهلاكه بالكامل لأن فترة التأجير عادة ما تكون اقل من العمر الإنتاجي للأصل وبطبيعة الحال لا يعتمد المؤجر (سواء كان مؤسسة مالكة للأصل أو بنك تدخل كوسيط بشكل ما) على إيراده من إيجارات الفترة في تكوين أرباحه، بل يتجه إلى إعادة تأجير الأصل أو بيعه بعد استعادة الأصل من المؤسسة المستأجرة في نهاية فترة التأجير لذا نجد أن إجمالي أقساط الاستئجار لا تساوي تكلفة الأصل محل التأجير.(1)
فترة عقد التأجير > العمر الإنتاجي للأصل.
ويستخدم هذا النوع من التأجير خاصة في حالات السلع التي تتعرض لتغيرات تكنولوجيا سريعة، ما يدفع المستأجر إلى عدم الاحتفاظ بها طيلة فترة عقد التشغيل، كما ينتشر استعماله في تأجير السلع السابق استخدامها كسيارات النقل، والحاسبات الآلية، وآلات التصوير...الخ، كما يعطي للمؤسسة المستأجرة حق إعادة الأصل الإنتاجي لمالكه قبل استيفاء مدة العقد، مما يسمح لها باستخدام أحدث تكنولوجيا متاحة، وكذلك إمكانية تجريب الأصل ومن ثم تحويل العقد إلى تأجير تمويلي، وفي هذا النوع من التأجير لا يوجد أي خيار للمؤسسة المستأجرة للشراء من عدمه خلال مدته القصيرة التي عادة لا تتعدى ثلاث سنوات في الأصول الثابتة.(1)
كما أن هذا الأسلوب في الاستئجار يهتم بسد حاجات النشاط الاستغلالي من التمويل وبالتالي فهو أكثر ملاءمة بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي ينصب جل اهتمامها بمعالجة قضايا الإنتاج من اجل التسريع في وتيرة النشاط متجنبة في ذات الوقت الآثار السلبية التي تفرزها متغيرات النشاط الاقتصادي المحيطة بها.

ب- التأجير التمويلي:
يعتبر علاقة تعاقدية بمقتضاها يقوم مالك الأصل محل العقد بمنح المؤسسة المستأجرة حق الانتفاع من أصل معين خلال فترة زمنية معينة مقابل مبلغ يدفعه بشكل دوري وهذا العقد غير قابل للإلغاء عكس عقد التأجير التشغيلي، والمؤسسة المستأجرة هي التي تقوم بتحديد مواصفات الأصل الذي تقوم المؤسسة المؤجرة بشرائه، وتحتفظ هذه الأخيرة بحق ملكية الأصل الرأسمالي(2)، ويكون للمؤجر في نهاية مدة العقد أن يختار بين أحد البدائل التالية:
-شراء الأصل المؤجر نظير ثمن متفق عليه مع مراعاة ما سبق سداده من قبل المؤسسة المستأجرة إلى المؤسسة المؤجرة من مبالغ خلال فترة التعاقد.
-تحيد عقد الإيجار بشروط جديدة يتم الاتفاق عليها بين المؤسستين المؤجرة و المستأجرة مع الأخذ بعين الاعتبار تقادم الأصل المؤجر.
-إرجاع الأصل إلى المؤسسة المؤجرة.(3)
ومن خصائص التمويل التأجيري أن مجموع القيمة الحالية لأقساط الإيجار المدفوعة خلال مدة التعاقد اكبر من قيمة شراء الأصل من المؤجر لأن المؤسسة تضع أقساط الإيجار على أساس استفادة تكلفة تمويلها للأصل المؤجر آخذة بعين الاعتبار وضع هامش ربح يكفي لاستمرار نشاطها.
نلاحظ مما سبق انه في التأجير التمويلي عادة ما يكون هناك ثلاثة أطراف في عملية التعاقد، هذه الأطراف هي المؤجر،المستأجر،المنتج      إضافة إلى الصور السابقة يمكن أن يأخذ التمويل التأجيري إحدى الصيغ التالي:
ج- البيع ثم الاستئجار:
في هذه الحالة تقوم المؤسسة ببيع إحدى أصولها إلى مؤسسة مالية بنك مثلا، وفي نفس الوقت توقع معها اتفاقية لاستئجار هذا الأصل خلال فترة زمنية معينة حسب شروط العقد، يحق للمؤسسة المؤجرة بان تسترد الأصل عند انتهاء عقد الإيجار.(1)
إن العملية المتبعة في دفع الإيجار تشبه عملية تسديد القرض المرهون بعقار، ففي الحالة الأولى تدفع المؤسسة المستأجرة إلى المؤسسة المشترية (المؤجرة) دفعات (أقساط) متساوية في أوقات متتالية تساوي في مجموعها قيمة شراء الأصل بالكامل بالإضافة إلى عائد معين على الاستثمار للمؤسسة، وفي الحالة الثانية تسدد المؤسسة المقرضة القرض على دفعات متساوية في فترات متتالية بمقدار يكفي لاستهلاك القرض بالإضافة إلى عائد مناسب للقرض.(2)
وسنحاول أن نبين صيغة هذا التمويل من خلال الرسم البياني التالي:
شكل رقم (02): شكل يبين عملية البيع ثم الاستئجار.








المصدر: محمد كمال خليل الحمزاوي، مرجع سابق، ص427.
 
 
د- التأجير الرفعي:
في هذا النوع من التأجير وضع المستأجر لا يختلف كثيرا عن الصيغ السابقة، فهو ملزم بدفع أقساط الإيجار خلال مدة العقد.
أما بالنسبة للمؤجر فهو يقوم في هذه الحالة بتمويل هذا الأصل بالأموال المملوكة بنسبة معينة والباقي يتم تمويله بواسطة أموال مقترضة وفي هذه الحالة فإن الأصل يعتبر كرهن لقيمة القرض(ب.بعلوج ، مرجع سابق، ص12) وللتأكيد على ذلك فإن عقد القرض يوقع من الطرفين المؤجر والمستأجر رغم أن المؤجر هو المقرض الحقيقي، أما المستأجر هو الذي يستعمل الأصل يوقع بصفته ضامنا للسداد، ونشير أن هذا النوع من التأجير عادة ما يكون في الأصول الثابتة المرتفعة القيمة.(1)
      وعموما تكمن أهمية الائتمان الايجاري بمختلف أنواعه بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، في كون أن الأصول المستأجرة لا تظهر في الميزانية، وهذا يساعد على تحسين المركز الائتماني لها وهذا له وجهاته وقيمته بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، على الرغم من أن اعتبارات محاسبية تطالب برسملة القيمة الايجارية من عملية الإيجار وتسجل قيمة الأصول المستأجرة ضمن عناصر الميزانية، و بالنسبة للائتمان الايجاري فإن بعض المعايير المحاسبية، الصادر عن المجلس الدولي لمعايير المحاسبة المالية في  سنة 1976، تقر بضرورة إدماجه في الميزانية الختامية للمستأجر.* (2)
3-1-2-3- التمويل التأجيري في الجزائر.
"رغم مرور عشرات السنوات منذ تطبيق قرض الإيجار في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، واتساع دائرة التعامل به في العالم من خلال التشريعات المشجعة والمؤسسات المالية المتخصصة، إلا انه كان علينا الانتظار في الجزائر حتى صدور قانون النقد والقرض رقم 90 -10 حتى ترى تقنية الائتمان الايجاري النور، ثم استتبع هذا القانون بالأمر رقم 96 -09 المؤرخ في 19 شعبان عام 1416 الموافق لـ 10 يناير1996، والمتعلق بالائتمان الايجاري والذي يتضمن 46 مادة ،ثم بالنظام رقم 96-09 المؤرخ في 13 صفر 1417هـ الموافق لـ3جويلية 1996 الذي يحدد كيفيات تأسيس شركات الائتمان الايجاري وشروط إنشائها".           
"لكن رغم إصدار هذه القوانين، إلا أن التجربة الجزائرية في هذا المجال محتشمة، رغم وجود شركات تقوم بالتمويل ألتأجيري كمجموعة البركة بالاشتراك مع البنك الجزائري الخارجي وتطبيقه من طــرف
شركة سونا طراك في تمويلها لمشروع أنبوب الغاز العابر لأوروبا إلا أن هذه العمليات تعد قليلة ولتطويرها يجب تهيئة النصوص القانونية الضرورية في مجال البنوك، الضرائب الجمارك والمحاسبة، وكذلك المجال القانوني "القانون التجاري" وهذا لغرض استعمال الائتمان التأجيري لاستيراد التجهيزات لصالح المتعاملين المقيمين في الجزائر".(1)
3-2- صيغ تمويل البنوك الإسلامية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة:
3-2-1- المشاركة:
تعتبر المشاركة أحد أهم أدوات التمويل التي تعرضها البنوك الإسلامية، وتقرر الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية أن التمويل بالمشاركة أكثر ضمانا للمشروعات الصغيرة، فمن المعروف أن معدلات الفشل للمشروعات الصغيرة كبيرة بسبب نقص دراسات الجدوى الاقتصادية، أو عدم كفاءة الإدارة ونقص التخطيط وطبعا ضعف التمويل، خاصة إذا كانت هناك مؤسسات كبيرة تنشط في نفس القطاع.(2)
     وتعرف المشاركة على أنها أسلوب تمويلي يشترك بموجبه المصرف الإسلامي مع المؤسسة بتقديم المال اللازم لها، ويوزع الربح بينهما بحسب ما يتفقان عليه، أما الخسارة فحسب مساهمة كل طرف في رأس المال، ويقوم بالإدارة صاحب المشروع، ومشاركة البنك تكون بالقدر اللازم لحفظ حقوقه، والاطمئنان إلى عدم حدوث إهمال أو تقصير، كما يحصل صاحب المشروع من المصرف على حصة من الربح مقابل إدارته للمشروع، وتأخذ المشاركة عدة أشكال.(3)
* من حيث طبيعة الأصول الممولة:
      المشاركة في النفقات المتغيرة وهي نفقات التشغيل مثلا المشاركة في شراء الخامات اللازمة لصنع الأحذية خلال دورة إنتاج معينة.
-المشاركة المستمرة: وتدخل في تكوين رأس المال، مثلا شراء عدد معين من أسهم مؤسسة معينة.


*من حيث الاستمرارية:
المشاركة الدائمة (المستمرة): هنا يصبح البنك شريكا في ملكية المشروع وفي إدارته وتسييره والإشراف عليه.(1)
-المشاركة المتناقصة (المنتهية بالتمليك): هنا يسترد البنك جزءا من التمويل مع الأرباح، وهكذا يتنازل تدريجيا على حصته في الشركة، حتى يصبح في النهاية مالكا للمشروع بكامله.
-كيف تكون المشاركة صيغة تمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة؟
بناءا على ما ذكرناه عن المشاركة بأنواعها المختلفة فإنه بإمكان المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن تعتمد عليها كأسلوب تمويلي:
       فإذا كانت المشاركة مستمرة "دائمة" فيمكن أن تكون نسبة من راس المال أو المحل ملك للمؤسسة والتمويل من البنك، وهذا بعد تقدير قيمة موجودات المؤسسات وقيمة الأرباح المتوقعة من المشروع، وهكذا تحدد مشاركة كل طرف أو تكون النتيجة بين الشريكين (المؤسسة الصغيرة والمتوسطة والبنك) حسب نسبة مشاركة كل منهما.
       أما إذا كانت المشاركة متناقصة فإن ملكية المؤسسة قد تؤول بكاملها إلى المنظمين على أساس أن يتنازل البنك على حصة من أرباحه، وهذا يغطي حق البنك وتكون المؤسسة في النهاية ملكا لهم.
وتتيح صيغة التمويل بالمشاركة فرصة جديدة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتخلصها من مشكلة القروض، وما يصاحبها من مشاكل سعر الفائدة و أخطار عدم السداد، كما أنها توزع المسؤولية والمخاطر توزيعا عادلا بين البنك والمؤسسة.
3-2-2-المضاربـة:
إن المضاربة صيغة خاصة من المشاركة، وهي عقد على الاشتراك في الربح الناتج من مال يكون من طرف، والعمل من طرف آخر، الأول هو صاحب المال والطرف الثاني هو المضارب، وقد يتعدد صاحب المال كما قد يتعدد المضارب، ولصاحب المال أن يضع شروطا له للاستخدام السليم أو أفضل استخدام يتصوره لماله، وللمضارب أن يقبل أو يرفض.
و المقصود بالمضاربة عن طريق البنوك، أن تقوم البنوك بتوظيف الأموال المودعة لديه في مشروع معين صناعي أو تجاري أو خدمي يدر دخلا معينا و في نهاية العام يقوم بحساب تكلفة هذا الاستثمار، والباقي أي الربح يقسم بين المودعين والبنك.  أما في حالة الخسارة فإن صاحب المال، هو الذي يتحملها بالكامل، أما البنك فهو يخسر جهده في حالة عدم التقصير أو التفريط.(1)
وجاء في الجزء الأول من موسوعة البنوك الإسلامية، في تبيان دور البنك الإسلامي في تسيير أموال المودعين، بأن البنك المضارب مضاربة مطلقة، وله كامل الحق في توكيل غيره في استثمار هذه الأموال المودعة لديها، وإقراضها للمؤسسات حسب معرفته وخبرته، وطبعا هذه المشاريع الاستثمارية التي يمولها البنك بعضها ينجح وبعضها يفشل وفي نهاية كل سنة أو اقل يقوم البنك بتسوية شاملة بين أرباح وخسائر جميع المشروعات الاستثمارية وبعدها  يقوم بتوزيع الباقي بينه وبين المودعين طبقا للاتفاق الذي تم بينه وبينهم.(2)
نلاحظ أنه عندما يقوم البنك بإقراض الأموال لغيره ليقوم بالمضاربة فإن العملية تصبح بين ثلاثة أطراف: صاحب المال والبنك (المضارب الأول)، المضارب الثاني، ونبين هنا أن نصيب المضارب الثاني يكون من نصيب البنك الخاص حسب ما يتفقا عليه حتى ولو استغرق كل نصيب البنك دون أن يتأثر نصيب أصحاب الأموال بشيء من ذلك.
تجدر بنا الإشارة إلى أن "الدكتور سامي حسين حمود" يرى أن تطبيق قواعد المضاربة بالشكل المبين في المؤلفات الفقهية، أمر يتعذر تطبيقه عمليا في مجال الاستثمار الجماعي لدى البنوك الإسلامية، وبالتالي فهو يقترح شكلا جديدا للمضاربة يلائم الاستثمار الجماعي المتعدد والمستمر في حركته ودوران المال فيه، حيث أطلق على هذا الشكل الجديد المطور اسم "المضاربة المشتركة" وهو ما سنحاول معالجته من خلال العرض التالي:
-المضاربة المشتركة:
 هي العلاقة التي تحدد فيها العلاقة بين أصحاب رؤوس الأموال و المضاربين سواء كان التعدد من أحد أطراف المضاربة أو من كليهما، وفي هذه الصيغة التعاقدية المطورة لشركة المضاربة الفردية أو الثنائية، تقوم المضاربة على أساس أن يعرض البنك الإسلامي-باعتباره مضاربا- على أصحاب الأموال استثمار مدخراتهم، كما يعرض البنك-باعتباره صاحب مال أو وكيل عن أصحاب الأموال- على
المشروعات الاستثمارية، استثمار تلك الأصول على أن توزع الأرباح حسب الاتفاق بين الأطراف الثلاثة وتقع الخسارة على صاحب المال.(3)
كيف تكون المضاربة صيغة تمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة؟
تسمح هذه الصيغة التمويلية بتوفير رؤوس الأموال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إذا ما طبقت من قبل البنوك الإسلامية، بشرط أن توضع لها شروطا تضمن لها الاستخدام الأمثل، فمثلا الكثير من الأشخاص خاصة الشباب خريجي الجامعات يرغبون بإقامة مشاريع خاصة بهم، ولا يجدون الإمكانيات لإقامتها، وبذلك فإن التمويل بالمضاربة يمكن أن يكون مخرجا أساسيا ومهما لهؤلاء، على أساس أن يقدم البنك إمكانية التمويل، ويقوموا هم بإدارة المشروع، ويقتسمان نتيجة المشروع بناءا على نسبة معلومة يتفق عليها مقدما، عند إبرام العقد، وفي حالة الخسارة فإن البنك صاحب المال يتحمل خسارة ماله ما لم يثبت أن المؤسسة لم تتهاون في إدارة المشروع، وفي المقابل لا تحصل المؤسسة على أي شيء مقابل جهدها وعملها والمتمثل في مجهودات المسيرين والطاقم الإداري.
ويمكن أن تؤول ملكية المشروع إلى المضارب كلية، بعد أن يتنازل عن جزء من أرباحه لصالح البنك بغية شراء نصيبه تدريجيا، لتصبح المؤسسة في النهاية ملكا له بعد أن كان لا يمتلك إلا جهده، كما يمكن أن تبقى المضاربة دائمة، وهذا يعود إلى تقدير البنك وصاحب المؤسسة.
3-2-3-المرابحة:
نقصد بالمرابحة المتاجرة كما هو متعارف عليه اليوم، والمرابحة في اللغة مصدر من الربح وهو الزيادة، واصطلاح الفقه هي "بيع بمثل الثمن الأول مع زيادة ربح" أو هي "بيع براس مال وربح معلوم ومتفق عليه بين المشتري والبائع".(1)
وهذا النوع من الاستثمار متبع في اغلب المصارف الإسلامية وهو يأخذ حالتين:
-الحالة الأولى: ويطلق عليها اسم الوكالة بالشراء بأجر، حيث يقوم البنك بطلب من المؤسسة بشراء سلعة معينة محددة الأوصاف، ويدفع ثمنها للبنك مضافا إليه اجر معين مقابل قيام البنك بهذا العمل.
-الحالة الثانية: وفيها تطلب المؤسسة من البنك شراء سلعة معينة وكذلك الثمن الذي يشتري به العميل(المؤسسة) من البنك بعد إضافة الربح، ويتضمن هذا التعامل وعد من العميل بالشراء في حدود الشروط المتفق عليها، ووعدا آخر من البنك بإتمام هذا البيع بعد الشراء طبقا لذات الشروط.
يتم تسديد قيمة البضاعة إما دفعة واحدة أو بواسطة عدة دفعات خلال مدة معينة بالنسبة لكلتا الحالتين.(2)
ولقد وجدت البنوك الإسلامية في عقد المرابحة أفضل وسيلة لتشغيل الأموال لديها، ذلك لأن المرابحة تمتاز عن المضاربة والمشاركة بسرعة تحريك الأموال من جهة، ومن جهة أخرى معظم البنوك الإسلامية حديثة النشأة ولا تستطيع الاستثمار في القطاعات الإنتاجية الاستثمارية طويلة الأجل، وفي هذا الصدد نلاحظ انه في البلدان حيث القاعدة الاستثمارية متسعة نوعا ما تحتل المشاركة والمضاربة المرتبة الأولى في معاملات البنوك بينما بيوع المرابحة تحتل المرتبة الأولى في معاملات البلدان التي تلعب فيها التجارة دورا رئيسيا مثل الدول الخليجية. فمثلا بلغ حجم التمويل المقدم من طرف البنك الصناعي السوداني من عام 1992 إلى 1995 حوالي 5 مليار جنيه سوداني، وعدد الصناعات الصغيرة التي مولها كان 8000 مؤسسة في مختلف فروع الصناعة، وبلغ حجم التمويل بالمرابحة 78%بينما بلغت المشاركة حوالي 22% .(1)
أما بنك فيصل الإسلامي السوداني فقد مول بين عام 1996-2000 المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بقيمة 5.8مليار جنيه سوداني، وكان حجم التمويل بالمرابحة 88% والمشاركة 12%، وساهمت الصناعات الصغيرة بنسبة 23.5% في الأرباح الفعلية لاستثمارات البنك.(2)
أما البنك الإسلامي الأردني والذي تعتبر تجربته تجربة ناجحة فقد مول البنك 136 مشروعا منها 107 مشروع تم تمويله بـ 232 ألف دينار أردني بأسلوب المرابحة و29 مشروعا بأسلوب المشاركة وتم تمويلها بـ404 ألف دينار أردنـي.(3)
تطبيق المرابحة من قبل البنوك يعرضها لمجموعة من المخاطر من أهمها أن البنك يتحمل تبعة الهلاك والفساد الذي قد يلحق بالبضاعة خلال الفترة الفاصلة بين شراء البنك للسلعة، وتسليمها للمؤسسة، كما انه يتحمل مخاطر ما قد يظهر من عيوب خفية في السلعة.(4)
كيف تكون المرابحة صيغة تمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة؟
إن اعتماد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على المرابحة كصيغة تمويل، يسمح لها بالحصول على السلع التي تحتاجها بدون دفع الثمن مباشرة عند استلام السلعة
وهذا يوفر للمؤسسات جرعات مستمرة من التمويل خلال هذه الفترة بمعنى أنها توفر مرونة اكبر للتمويل و تتيح للمؤسسة فرصة تحقيق وفرات مالية تستخدمها لتغطية احتياجات أخرى.


3-2-4-البيع الآجل:
البيع لأجل هو عقد يتم بموجبه الاتفاق على تسليم بضاعة حاضرة مقابل ثمن مؤجل يتفق عليه، وفائدته توفير قدر من التمويل للمشتري حتى يتمكن من دفع الثمن بعد فترة من الزمن يتفق عليها، ويتحصل البنك في هذه الحالة بصفته بائع للسلع على ثمنها بعد فترة محددة".(1)
كيف يكون البيع الآجل صيغة تمويل للمؤسسات الصغيرة المتوسطة؟
في كثير من الحالات تكون المؤسسة في ضيق مالي،  تحتاج إلى السيولة حتى تتمكن من مواصلة نشاطها، وهنا تظهر أهمية البيع الآجل بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي كثيرا ما تجد نفسها في هذه الوضعية، لأن البيع الآجل يسمح لها بتسديد الثمن بعد فترة، حيث تتمكن المؤسسة خلالها من الحصول على الأموال اللازمة، وتبرز أكثر مزايا البيع الآجل بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التجارية و الصناعية، فالأولى تحتاج إلى شراء السلع والمنتجات لإعادة بيعها ومزاولة نشاطها بطريقة عادية، والثانية تسمح لها بالحصول على المواد الخام أو السلع الوسيطة التي تحتاجها في نشاطها الإنتاجي. كما انه تتيح للمؤسسة فرصة المفاضلة أو الموازنة بين الشراء نقدا بالسعر الآجل الذي يعكس تغيرات السوق المتوقعة، فإذا رأى صاحب المؤسسة مصلحته في الشراء بالسعر الآجل فإنه يحصل بذلك على تمويل قصير الأجل بشكل يتناسب مع مقدرته التمويلية والتغيرات المتوقعة في أسعار السوق.
3-2-5-بيع السلم:
ويطلق عليه أيضا اسم البيع الفوري الحاضر الثمن الآجل البضاعة. ويقوم البنك في هذه الحالة بدفع ثمن البضاعة آجلا، وتسلم البضاعة عاجلا، ومن هنا فهو عكس البيع بثمن مؤجل، فقد عرفه علماء الدين بأنه بيع آجل بعاجل، ويتفق الكثير من علماء الشريعة على انه يجب أن يتوفر في هذا البيع شرطين أساسين هما:
-شروط تتعلق برأسمال السلم:
وهي أن يكون رأسمال معلوم الجنس وأن يكون المسلم فيه مضبوطا بالصفة التي تنتفي عنه الجهالة والتي يختلف الثمن باختلافها، وان يكون معلوم المقدار بالكيل أن كان مكيلا وبالوزن إن كان موزونا وبالعدد إن كان معدودا، وان يكون لأجل معلوم، وان يتم بيان مكان التسليم.(2)
خلافا للمرابحة والبيع الآجل فالبنك لا يتدخل بصفته بائعا، وإنما بصفته مشتريا بالتسديد نقدا للسلع التي تسلم له مؤجلا ( لاحقا).
كيف يمكن أن يكون البيع بالسلم صيغة تمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة؟
تختلف هذه الحالة عن البيع الآجل في كون أن المؤسسة في الحالة الأولى (البيع الآجل) تكون مشترية للبضاعة، حتى تتمكن من الاستمرار في نشاطها، أما في الحالة الثانية (البيع بالسلم)، فان المؤسسة تكون بائعة لبضاعة معينة، على أن يتم قبض الثمن عاجلا ويستلم البضاعة آجلا، وتوفر هذه الصيغة للمؤسسة الأموال التي تحتاجها أي تمكنها من الحصول على سيولة نقدية فورية متمثلة في الثمن الذي تقبضه عند التعاقد مقابل التعهد بتسليم كمية معينة من المنتجات خلال فترة من الزمن، ويمكن في هذه الحالة للبنوك أن تقوم بشراء منتجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بدفع ثمنها مقدما وبيعها بعد استلامها وتحقيق أرباح معقولة.
3-2-6-الاستصناع:
هو عقد بموجبه يكلف الصناع بصناعة شيء محدد الجنس والنوع والصفة وان يكون هذا الشيء مما يجري فيه التعامل بين الناس كما يمكن أن يكون التكليف بصناعة شيء جديد، طالما أن ذلك ممكن، ويتم الاتفاق على الاستصناع خلال اجل معين، كما يجوز عدم تحديد الأجل.(1)
" تقوم البنوك الإسلامية عادة بتوظيف الاستصناع لتمويل عمليات البناء، حيث تخول القوانين الإسلامية الطرف الذي يقوم بالبناء في الاستصناع أن يوكل عملية البناء لجهة ثالثة بالاستصناع لإتمام البناء، حيث تعاملت البنوك الإسلامية بهذه الطريقة التي أطلق عليها تسمية « bach to bach istisna ».
لتمويل شراء مواد البناء...الخ حيث يوافق البنك كبائع في الاستصناع (أي البنك هو صاحب المشروع) على تمويل الدفعات على المدى الطويل، في حين يقوم البنك كمشتري في الاستصناع بدفع المستحقات للجهة المقاولة خلال فترة سداد اقصر وفقا لبرنامج السداد معين (أي أن البنك يكلف جهة ثالثة لإنجاز المشروع طبقا لعقد استصناع ثاني).(2)
كيف يكون عقد الاستصناع صيغة تمويلية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة؟
من خلال عقد الاستصناع يتم تكليف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بصناعة سلع معينة بصفات محددة وتسليمها إلى إحدى الهيئات (بنك مثلا) التي تتولى تسويقها، وبهذا فإن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تقوم بإنتاج سلع مطلوبة من السوق أو من المؤسسات الكبيرة في شكل مقاولة باطنية، وبهذا فإن هذه المؤسسات تتمكن من التخلص من المشاكل التمويلية (التمويل يقدمه البنك) والتنظيمية والتسويقية والتقنية بدون التعرض لخطر الديون والفوائد واحتمالات عدم السداد، ونشير أن عقود الاستصناع تكون ملائمة أكثر لتمويل احتياجات راس المال العامل ومن الخطورة استخدامه لتمويل راس المال ثابت، لأن هذا يؤدي إلى زيادة احتمالات الإخفاق في تسليم السلع المطلوبة تصنيعها.
3-2-7-التمويل بالإجارة:
الإجارة هي الكراء كما هو معروف لدينا اليوم، ومعناه أن يستأجر شخصا ما شيئا معينا لا يستطيع الحصول عليه، أولا يريد ذلك لأسباب معينة، ويكون ذلك نظير اجر معلوم يقدمه لصاحب الشيء.(م. بوجلال، بدون تاريخ، ص38). أو هي عقد يتضمن تحديد صفة العين المؤجرة، وتمكين المستأجر منها وتعهد مالكها بصيانتها، ولا يشترط على المستأجر ضمان العين المأجور إلا في حالتي التعدي والتقصير، وذلك خلال مدة وأجرة يتفق عليهما طرفي العقد.(1)
وهـذه الصيغة تشبه ما يعرف اليوم في الاقتصاد الغربي:
(« Hire-purchase » ou «lease purchase financing »)  وإنما في صيغتنا هذه لا تدفع فوائد ربوية قط. ويأخذ التأجير في هذا السياق صورتان.
3-2-7-1- التأجير التمويلي أو الرأسمالي:
وفيه يقدم البنك خدمة تمويلية، فهو هنا يتدخل كوسيط مالي، عن طريق شرائه اصل معين يؤجره للعميل خلال مدة تساوي العمر الاقتصادي للأصل تقريبا، وهنا يفصل بين الملكية القانونية وهي حق البنك والملكية الاقتصادية وهي من حق المستأجر ويضمن البنك ماله ببقاء العين في ملكه، وربحه ممثلا في التدفقات النقدية التي يحصل عليها طوال مدة الإجارة الغير قابلة للإلغاء.
أما من الناحية الشرعية يتضمن عقد التأجير الرأسمالي مدة دفع الثمن، وبيع في نهاية المدة بعد استيفاء الثمن، وإذا كان الجزء الخاص بالبيع مجرد وعد غير ملزم للتعاقد فيكون لهما الخيار فلا باس من الناحية الشرعية، ولكن إذا كان ملزما فإنه يصبح مخالفا للشريعة لأنه يمثل صفقتين في صفقة واحدة والتي نهى عنها "الرسول ص" حيث أن العين يتم عليه تعاقدان في وقت واحد وهما الإجارة والبيع (بيع منافع، وبيع العين) و لكن تصحيح هذا العقد بان ينتقل جزء من ملك الأصل بقدر ما يدفع المستفيد، أي يطبق عليه صورة المشاركة المتناقصة إلى أن ينتهي دفع الثمن فيمتلكها المستأجر.(2)
و قد عرض البنك الإسلامي للتنمية في مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثالثة المنعقدة في شهر محرم سنة 1409 هـ الموافق لـ 1989م أسلوب الإجارة طالبا منه دراسته وإبداء الرأي في شرعيته، وقرر المجمع شرطين لصحة هذا النوع من الإيجار وهما:
-"عدم ذكر البيع في عقد الإجارة وإنما يتم إبرام عقد منفصل اسمه عقد وعد بإبرام عقد بيع بعد نهاية مدة الإجارة، أو إبرام وعد بهبة الأصل للمستأجر في نهاية عقد الإجارة.
-يتحمل البنك تكاليف الإصلاح والصيانة والضرائب والإهلاك على المؤجر وليس المستأجر".(1)
3-2-7-2-ا لتأجير التشغيلي أو الخدمي:
في هذه الصيغة لا يكون هناك ارتباط بين العمر الزمني والإيجار على مدى عمر الأصل، وعادة ما يمد المؤجر( البنك) المستأجرين بخدمات الصيانة وغيرها، وتعتبر أجهزة الكمبيوتر، والتلفزيون... الخ أكثر أنواع الأصول انتشارا في التأجير التشغيلي، ويكون هذا الأسلوب أكثر نفعا عندما يكون المستأجر في حاجة إلى الأصل لفترة زمنية معينة، أو الخوف من تطورها، وهذا يظهر في الصناعات ذات المعدل العالي في التغيير التكنولوجي.
وطبقا لهذا الأسلوب فإن البنك يقوم بشراء الأصل حسب المواصفات التي يحددها المستأجر وعادة مدة الإيجار تتراوح بين 3 اشهر إلى 5 سنوات أو أكثر، وأثناء فترة الإيجار ملكية الأصل تبقى بحوزة البنك والملكية المادية تعود للمستأجر وبعد انتهاء مدة الإيجار تعود هذه الحقوق إلى البنك.
3-3-عقد تحويل الفاتورة (Factoring):
تعتبر مشكلة تحصيل الحقوق التجارية أحد عوامل تعثر المنشآت التجارية الصغيرة والمتوسطة الحجم، مما يعرضها لأخطار الإفلاس والتصفية، ومن ثم التأثير السلبي على الاقتصاد، فالمؤسسة عندما تقدم على بيع منتجاتها عن طريق الأوراق التجارية يتعين عليها انتظار اجل الاستحقاق ومن ثم تحصيل قيمة البضاعة المباعة.(2)
ولكن ما يحدث هو أن المؤسسة قد تحتاج إلى السيولة خلال تلك الفترة سواء للوفاء بالتزاماتها للغير أو لتحقيق طموحات التطور التي تفرضها طبيعة المنافسة التجارية، وهذا ما يجعل المؤسسة أمام خيارين: إما أن تشترط على مدينها الالتزام بالوفاء الفوري للثمن، وهنا تكون النتيجة ركود البضاعة وعجز المؤسسة عن تصريف منتجاتها، أو أن ينتظر اجل الاستحقاق ويحصل على قيمة البضاعة لكن هذا يعيق المؤسسة ويقف حائلا أمام وفائها بالتزاماتها المختلفة، كما أن قيام المؤسسة بتحصيل قيمة الأوراق التجارية بنفسها من العملاء، يتطلب من المؤسسة جهدا وإمكانيات مالية للتحصيل مما يرهق ميزانية المؤسسة.
وحتى تتجاوز المؤسسات هذه المشكلة يلجأ البائع الى عدة طرق والتي تعتبر طرق تقليدية وهي:
-عقد الوكالة: أي ان توكل المؤسسة بنكا او مؤسسة متخصصة بتحصيل الفواتير لكن هذه الطريقة لا تضمن بتعجيل قيمة الفواتير.(1)
عقد القرض: أي الاقتراض من البنوك أو المؤسسات المتخصصة ويعاب على هذه الطريقة أنها تواجه أحد أبعاد المشكلة، وهو عدم حلول اجل الاستحقاق، ولا تتعهد المؤسسة المقرضة بتحصيل قيمة الفواتير، كذلك إجراءات الحصول على  القروض تعتبر معقدة وطويلة.
-عقد خصم الأوراق التجارية: تقوم بهذه العملية أيضا البنوك والمؤسسات المتخصصة، وتضمن هذه الطريقة تعجيل حقوق البائع وتحصيل الأوراق التجارية، ولكن يعاب عليه أن الخصم نطاقه محدود، ويتعلق فقط بالحقوق المتجسدة في أوراق تجارية دون الثابتة في الفواتير، كما أن عمولته تبدو مرتفعة بالقياس بإمكانيات المؤسسات الصغيرة.(2)
وإزاء فشل القوالب التقليدية في علاج المشكلة، كانت حاجة المؤسسات إلى عملية قانونية تواجه بها المظاهر المختلفة للمشكلة السابقة ضرورة ملحة، وهو ما استطاع أن ينجزه بنجاح كبير عقد شراء الحقوق التجارية (تحويل الفواتير). (Factoring –affacturage ).
ويقصد بشراء الحقوق التجارية أو الفاكتورينغ "شراء أو حجز ديون المؤسسات التجارية التي تشتغل على المستوى المحلي أو الدولي، في حقل السلع الاستهلاكية، كما تقوم البنوك التجارية من جهتها بشراء حسابات المدينين (أوراق قبض، سندات، فواتير) الموجدة بحوزة المؤسسات التجارية أو الصناعية والتي تتراوح مدتها ما بين تاريخ استحقاق حسابات القبض.
تسمى المؤسسة المالية أو البنك الذي يقوم بالفاكتورينغ بالفاكتور Factor  ، ورغم غياب الإحصائيات لدينا إلا انه في المجال الاقتصادي ثم إثبات نجاعتها في مجال  تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة،  على اعتبارها ذات قدرات مالية محدودة ، خاصة في كل من فرنسا وإنكلترا، إلا أنها لم تعرف بعد طريقها إلى الدول العربية (ه.فضلى،مرجع سابق، ص295) رغم انه في الجزائر من الناحية القانونية هناك إقرار بمقتضى المرسوم التنفيذي المؤرخ بتاريخ 27/04/1993 والذي يجيز استخدام آلية تمويل جديد في الجزائر، وهي آلية تحويل الفواتير، وذلك على مستوى المؤسسات المالية بما في ذلك البنوك التجارية، إلا أن التعامل بها لا زال في إطار ضيق.(1)
نلاحظ مما سبق انه توجد ثلاثة أطراف في عملية الفاكتورينغ، الطرف الأول وهو التاجر أو الموزع الذي بحوزته الحسابات المدنية، أما الطرف الثاني فهو العميل، أي الطرف المدين للطرف الأول، والطرف الثالث وهو المؤسسة المقرضة، والفاكتور التي تقدم التمويل، و للفاكتورينغ مجموعة من الأنواع نبرزها فيمايلي:
3-3-1-انواع الفاكتورينغ:
الفاكتورينـغ ستة أنواع:
أ-خدمة كاملة: يقصد بها انه إلى جانب قيام الفاكتور بعملية التمويل، يقوم بإبلاغ مدين عمليه، مسك دفاتر العميل، القيام بتحصيل مباشرة من طرف مدين العميل.
ب-خدمة كاملة ما عدا تحمل المخاطرة.
ج-خدمة جزئية :تتضمن فقط التمويل وإبلاغ مدين العميل.
د-خدمة كاملة ما عدا التمويل.
ه-خدمة التمويل فقط.
و-خدمة جزئية تتضمن التمويل والمخاطرة أحيانا.
تعتبر الأنواع الثلاثة الأولى الأكثر مناسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، خاصة الحالة الأولى ولكن هنا يشترط الفاكتور أن لا يقل رقم الأعمال عن حد معين، وغالبا ما تكون المبالغ معتبرة نسبيا، ونفس الشيء بالنسبة للنوع الثاني باستثناء أن العميل في هذه الحالة يستخدم وسيلة التأمين لحسابات المدنيين أما النوع الثالث فهو النوع الأكثر انتشارا يمنح في حالات المبالغ الضعيفة .(2)
3-3-2-تكلفة الفاكتورينغ:

يتقاضى الفاكتور (مؤسسة متخصصة أو بنك) نوعين من العمولة (عمولة عامة، وعمولة خاصة):
-العمولة الخاصة:
ويسميها البعض عمولة التعجيل أو عمولة التمويل:
وتحتسب عن المدة الفاصلة بين تاريخ سحب العميل لمبالغ الائتمان وتاريخ استحقاق الفواتير، و يتم تحديد سعر الفائدة بناءا على سعر الأساس المصرفي، أو في ضوء متوسط معدل الفائدة الشهري في سوق النقد، ولا يجوز أن يفوق الحد الأقصى المقرر قانونا للفائدة الاتفاقية.
العمولة العامة:
يدفعها العميل مقابل الخدمات الإدارية التي يقدمها له الفاكتور،(1)و تترواح نسبة العمولة الخاصة بين 2.5%  و 4% أما العمولة العامة فتتراوح ما بين 0.1% و2.5%.(2)
ويساهم عقد الفاكتورينغ في زيادة كل من الإنتاج والتصدير:
-بالنسبة للإنتاج:
     فإن قيام المؤسسة الفاكتور بتحصيل الأعباء المالية و الإدارية، يتيح للعميل فرصة التفرغ لإدارة مؤسسته، ومن ثم زيادة الإنتاج وتحسينه، ومن جهة التمويل فإن الائتمان الذي يمنحه الفاكتور للمؤسسة ليس تمويلا تضخميا وليس له أي أثار على الاقتصاد الوطني لأن قيمة الائتمان تساوي تماما قيمة الفواتير التي يتم تخفيضها.(3)
-أما بالنسبة للتصدير:
     فهي تقدم معلومات حول الأسواق المناسبة لعملية التصدير، فمن خلال تجربتها داخل البلاد أو خارج البلاد تتحقق لها الشفافية الكاملة للأسواق فتمد عملاءها بمعلومات عن السلع المطلوبة في الأسواق العالمية وأسعارها والأوقات المناسبة لعمليات التصدير...الخ. كما تساعد العميل في التخليص الجمركي لبضائعه.(4)
3-4-نظام حاضنات الأعمال (Système d’incubation):
إن نظام حاضنات الأعمال لا يهتم فقط بجانب تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإنما يقدم تمويلا لها في حدود معينة ويقدم إلى جانب ذلك خدمات أخرى سنتعرض لها فيما بعد، لكن في البداية سنعرف هذا النظام الجديد الذي بدأ تطبيقه في مختلف دول العالم، سواء النامية أو المتقدمة لدعم المؤسسات الصغيرة وتعظيم دورها ومنافعها، ومواجهة مختلف المشكلات التي تعترضها وتعوق من قدرتها على النمو والتقدم والتطور والاستمرار.
3-4-1-تعريف حاضنات الأعمال:
يمكن تعريفها على أنها مؤسسة قائمة بذاتها لها كيانها القانوني، تعمل على توفير جملة من الخدمات والتسهيلات للمستثمرين الصغار الذي يبادرون بإقامة مؤسسات صغيرة بهدف شحنهم بدفع أولي يمكنهم من تجاوز أعباء مرحلة الانطلاق (سنة مثلا أو سنتين) ويمكن لهذه المؤسسات أن تكون تابعة للدولة، أو أن تكون مؤسسات خاصة أو مؤسسات مختلطة، غير أن تواجد الدولة في مثل هذه المؤسسات يعطي لها دعما أقوى.(1)
3-4-2-أنواع أو أجيال حاضنات الأعمال:
*حاضنات الجيل الأول: (حاضنات التقنية الأساسية):
تساند هذه الحاضنات المؤسسات التي تعتمد على المعرفة كراس مال أساسي، مثل المؤسسات التي تنتج الحاسبات، المكونات الإلكترونية، والعدسات الخاصة وتكون هذه الحاضنات قريبة من الجامعات والمدارس الفنية، والغاية منه القيام بتشجيع الأساتذة على القيام بالأبحاث.(2)
*حاضنات الجيل الثاني:
وتضم هذه الحاضنات المؤسسات المعتبرة تقليدية، كالمؤسسات الزراعية، الصناعية والغذائية والصناعات اليدوية والميكانيكية...الخ وهي مرتبطة مع الدوائر والهيئات مثل البلديات والحكومة المحلية والجمعيات التجارية والصناعية والغرف التجارية، كما أنها تتلقى التأييد والدعم من مراكز الأبحاث والمدارس الفنية.
*حاضنات الجيل الثالث: [1]
هي عبارة عن "مراكز تجديد" وهي مساحات مستهدفة للمؤسسات التي تقدم الخدمات المتخصصة مثل الدورات الفنية والاستثمارية وأنواع أخرى من الخدمات الخاصة.(3)
-كما تقسم أيضا إلى حاضنات أعمال تقليدية وحاضنات افتراضية، والاختلاف بينهما يكمن في أن الثانية يمكن أن تقدم خدمات و مشورات لمؤسسات خارج أسوار الحاضنة في المنزل في المنطقة الصناعية، في مناطق متباعدة جغرافيا...الخ وهي الأكثر رواجا.
3-4-3-أهداف الحاضنات:
-تساعد الشباب خريجي الجامعات والمعاهد العليا على إقامة مؤسساتهم ومشاريعهم الخاصة.
-مساعدة الباحثين الشباب من الاستفادة من نتائج الأبحاث التي ينفذونها (مشاريع تخرج) من مرحلة العمل المخبري إلى مرحلة التطبيق العملي بهدف الإنتاج التجاري.
-مساعدة رواد الأعمال على إنشاء الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في مراحل الإقلاع.
-المساهمة في توطين التكنولوجية المستوردة والمساعدة في نقل التكنوجيا من الدول المتطورة تكنولوجيا وتعزيز استخداماتها وتطبيقاتها في المجتمع المحلي بما يخدم عملية البناء الاقتصادي.
3-4-4-الخدمات التي تقدمها حاضنات الأعمال:
-تقديم مساعدات مالية مباشرة أو التعريف بفرص ومصادر التمويل المتاحة أمام المؤسسة.
-تقديم فرص الائتمان التأجيري للآلات والمعدات(1)
-مساعدة المؤسسة على تحديد مستلزمات التمويل والقروض و السيولة المالية وجدولتها.
-تقديم المعلومات حول التسجيل لدى الدوائر الحكومية، ومساعدتها على تخطي عقبات التسجيل.
-تقديم خدمات إدارية مشتركة (قاعة استقبال وموظفة استقبال، الآلات الحاسبة، فاكس، هاتف انترنيت..الخ).
-عقد دورات تدريبية مكثفة للمؤسسات المحتضنة حول بعض القضايا الأساسية لتنمية روح الريادة والإدارة المبدعة...الخ.(2)
-مساعدتها على الاتصال بالمؤسسات المالية (المصارف وغيرها) مع تقديم توصيات حول نجاعة المشاريع المقترحة، وكذلك تقديم المقترحات حول مبالغ التمويل اللازمة.
-مساعدة المؤسسات على إقامة علاقات مع الجهات العلمية التي هي على علاقة بها (مثل الجامعات والمعاهد ومخابر الأبحاث)، لاستخدام المخابر والتجهيزات للحصول على الاستشارة العلمية والفنية المطلوبة إما مجانا أو لقاء اجر زهيد.

-مساعدة المقيم في الحاضنة على سبر السوق المحلية، وربما الخارجية لتسويق منتجاته، ومساعدته في تأمين الموارد الأولية اللازمة والمشاركة في المعارض المحلية وربما الدولية لعرض منتجاته.  
تتواجد في العالم أكثر من 3500 حاضنة أعمال، معظمها مدعومة من الإدارات المحلية والحكومة المركزية والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدة، وتأتي الولايات المتحدة الأمريكية في المركز الأول من حيث عدد الحاضنات فلديها حوالي 950 حاضنة وتليها الصين واليابان وأوروبا.
كما يوجد حوالي 200 حاضنة في كل من فرنسا وألمانيا وحوالي 1000 حاضنة في بريطانيا. أما في العالم الثالث فتعمل به حوالي 500 حاضنة.(1)
وفيما يلي رسم يبين الهيئات التي تكون الحاضنة على علاقة أو اتصال بها.
الشكل رقم (03): الهيئات التي لها علاقة بحاضنات الأعمال.


 












www.scs.org/Seminar2003Source :/Marouan Zibibi ppt 
3-4-5-الإقامة في الحاضنة:
-تمتد مدة إقامة المؤسسة بالحاضنة من 2 إلى 3 سنوات حتى يصلب عودها فنيا وإداريا و ربما حتى ماليا، علما أن المؤسسة المحتضنة لها كل الاستقلالية سواء المادية أو الإدارية والحاضنة تساعدها على الاستفادة من الخدمات والرعاية التي تعرضها.
- تدفع المؤسسة الحاضنة أجرة رمزية للمكان في الأشهر 6 من السنة الأولى بعدها ترتفع في الأشهر السنة الموالية لتغطي النفقات الأساسية والخدمات، ثم ترتفع في السنة الثانية لتغطية قيمة الخدمات التي تقدمها لها الحاضنة، وفي السنة الثالثة ترفع أجور المكان إلى مستويات عالية أعلى من أسعار السوق لتدفعه على الخروج وإفساح المجال لدخول قاطن جديد.
-يصل عدد المقيمين في الحاضنة أحيانا إلى 20 مؤسسة حسب السعة المكانية للحاضنة، وطاقمها الإداري، ويخصص لكل منهم ما بين 10 إلى 20 م2، ويكون عدد المنتسبين اكبر في الحاضنات الافتراضية.(1)
3-5-مؤسسات رأس المال المخاطر(ِCapital risqué  ):
تتميز الاقتصاديات المعاصرة بالمنافسة الشديدة خاصة في مجال الابتكارات والاختراعات، ولقد أصبحت في هذا الإطار حياة المنتجات قصيرة، وحتى تتمكن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من مواجهة هذه المنافسة والمحافظة على استمراريتها يجب عليها أن تضع صيغة أو خطة للتمويل من خلال القيام باستثمارات مهمة.
ولكن هذه الاستثمارات تطلب رؤوس أموال ضخمة، لا تتوفر لديها كما أسلفنا الذكر، لهذا ظهرت مؤسسات رأس المال المخاطر والتي يمكن أن تكون متنفس تمويلي جديد للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
تعرف مؤسسات رأس مال المخاطر على أنها كل رأس مال يوظف على انه تمويل لابتكار جديد، أو توسع مؤسسة، أو تأسيس مؤسسة من دون التأكد من استرداد رأس المال في التاريخ المحدد (وهذا هو مصدر الخطر). و تكون هذه الصيغة في التمويل على شكل مشاركة، بمعنى أن صاحب رأس المال يصبح شريكا في المؤسسة.(2)
ويرجع أصل نشأة مهنة رأس مال المخاطر إلى اليوناني Thales de Milet مؤسس علم الهندسة، الذي أسس أول مشروع في التصنيع الزراعي (استخراج الزيت من الزيتون) بفضل القروض التي حصل عليها ، والتي لولاها لما تمكن من إنشاء أو تطوير مشروعه، وتكررت التجربة خلال رحلات الأسبان والبرتغال إلى العالم الجديد (خلال القرنين15، 16).(1)
لذا فانه من مصلحة الدول النامية (خاصة الجزائر) أن تعمل على تنمية هذه المؤسسات لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لتحقيق التنمية، وبالفعل قد صرح رئيس الجمهورية* "السيد عبد العزيز بوتفليقة" خلال اجتماعه مع المقاولين أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنادي الصنوبر يوم 14/01/2004، في أنه سيتم إنشاء صندوق راس مال مخاطر لفائدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تتولى الخزينة والمصارف تدعيمه وإقامته باعتماد 3.5 مليار دج، وقد أعلن أيضا في نفس الملتقى على تأسيس صندوق ضمان قروض الاستثمار لفائدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وهذا الصندوق كما جاء على لسان الرئيس ثمرة التزام مشتركة بين السلطات العمومية و البنوك براس مال قدره 30 مليار دج.







خاتمة الفصل الثاني:
تطرح أمام  المؤسسات الاقتصادية وسائل متنوعة للتمويل مما يسمح لها بالمفاصلة بين البدائل التمويلية المتاحة وبالتالي اتخاذ القرار الذي يتناسب والأهداف المسطرة، فعملية اختيار المصدر التمويلي ليست بالسهلة على الإطلاق. وهي تتحدد تبعا لعدة عوامل أهمها تكلفة المال والمصدر الذي تم اللجوء إليه.                           
بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة عادة ما تعاني من قصور على مستوى الموارد المالية الخاصة التي تعتبر من  أهم مصادر التمويل التي يخصص الجزء الأكبر منها لمواجهة تكاليف التأسيس التي تكون ذات تكلفة عالية لذلك تلجأ إلى مصادر تمويل خارجية كالقروض البنكية التي تعتبر المصدر الخارجي الأساسي لتمويل هذه المؤسسات، غير انه رغم ما تزخر به هذه المؤسسات من طاقات إنتاجية وقدرات إبداعية وروح مبادرة اقتصادية كبيرة مما يسمح لها بالمساهمة في التنمية الاقتصادية وامتصاص البطالة، فإنها  تجد صعوبة كبيرة في الحصول على التمويل اللازم  نظرا لما تتميز به من انخفاض في رأس مالها ومحدودية الضمانات التي تقدمها خاصة منها العينية، فكثيرا ما تقتصر هذه الأخيرة أي الضمانات على الأموال الشخصية لأصاحب المؤسسة، كما أن  مصير المؤسسة يكون مرتبط بشكل كبير بالخصائص الشخصية له، هذه المميزات صعبت من مهمة البنوك في تقييم وتقدير المخاطر الناجمة عن نشاطات هذه المؤسسات والذي بدوره أدى بالبنوك إلى العزوف أو التردد عن تمويل هذه المؤسسات، ولحل هذه المعضلة تم استحداث طرق جديدة لتمويل هذه المؤسسات كان من أهمها التمويل ألتأجيري وصناديق وشركات رأس مال المخاطر...الخ



1-  عبد الغفار عبد السلام وأخرون، ادارة المشروعات الصغيرة،دار الصفاء للطباعة والنشرو التوزيع،الاردن،2001،ص70.
1 عبد الرحمان يسري أحمد،الصناعات الصغيرة في البلدان النامية،المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، البنك الإسلامي للتنمية، جدة، السعودية،1995،ص37.
2 عبد المعطي رضا الرشيد وأخرون، ادارة الاتمان،دار وائل للطباعة، الطبعة الاولى، عمان ،الاردن،1999،ص104.
3 محمد عبدالعزيز عجمية،إيمان عطية ناصف،التنمية الاقتصادية- دراسات نظرية وتطبيقية، الدار الجامعية، الاسكندرية، 2000، ص ص185.186.
(4) جميل احمد توفيق، اساسيات الادارة المالية، الدار الجامعية، بدون تاريخ، ص 404.
(5) هيثم محمد الزغبي، الادارة والتحليل المالي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الاولى، 2000، ص94.
(1) احمد جميل توفيق، مرجع سابق، ص405.
(2) احمد جميل توفيق، مرجع سابق، ص405.
(3) محمد صالح الحناوي، ابراهيم اسماعيل سلطان، الادارة المالية والتمويل، الدار الجامعية-طبع-نشر-توزيع، الاسكندرية، 199، ص294.
(4) محمد ايمن عزت الميداني، الادارة التمويلية، مكتبة العبيكان، الطبعة الثانية، 1999، ص502.
(1) محمد ايمن عزت الميداني، مرجع سابق، ص502.
(2) الطاهر لطرش، تقنيات البنوك، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2000، ص57.
(1) Gerard Afonsi, Pratiques de gestion et d’analyse financière, les éditions d’organisation, Paris, 1984, P360.
(2) شاكر القزوينين محاضرات في اقتصاد البنوكن ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2000، ص98.
(1) عبد الجليل بوداح، بدائل التمويل الخارجي في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الدورة التدريبية حول تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتطوير دورها في الاقتصاديات المغاربية، سطيف، الجزائر، 25-28 ماي، 2003، ص4.
(1) الطاهر لطرش، مرجع سابق، ص ص62، 63، 64، 65، 67.
(1) الطاهر لطرش، مرجع سابق، ص111.
(1) شاكر القزوينين مرجع سابق، ص128.
(2) شاكر القزويني، نفس المرجع، ص127.
(1) جميل احمد توفيق، علي شريف بقة، الادارة المالية، الدار الجامعية، بيروت، 1998، ص388.
(2) عبد الجليل بوداح، مرجع سابق، ص1.
(1)  نفس المرجع، ص2.
(2) عبد الرحمن يسري احمد، مرجع سابق، ص ص39، 40، 41.
(1) الطاهر لطرش، مرجع سابق، ص76.
(2) عبد الجليل بوداح، مرجع سابق، ص10.
(1) محمد كمال خليل الحمزاوي. مرجع سابق ، ص423.
(1) نفس المرجع، ص 424.
(2) سمير محمد عبد العزيز، التأجير التمويلي، مكتبة ومطبعة الإشعاع الفنية، الإسكندرية، مصر 2000، ص80
(3) نفس المرجع، ص81.



























1) محمد صالح الحناوي، مرجع سابق، 1999، ص298.
(2) سمير محمد عبد العزيز، مرجع سابق، ص74.
* ملاحظة: الآليات المحاسبية في الدليل المحاسب الجزائري تبقى شبه منعدمة لمعالجة هذه المسائل.
(1) بولعيد بعلوج، مرجع سابق، ص ص12، 13.

(2) Laurent Baish, Finance et stratégie, economica, 1999.P 71.
(1) بولعيد بعلوج، مرجع سابق، ص18.
(2) محمد المرسي لاشين، من أساليب التمويل الإسلامية التمويل بالمشاركة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، الدورة التدريبية حول: تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتطوير دورها في الاقتصاديات المغاربية سطيف، الجزائر، 25-28 ماي 2003، ص 04.
(3) كمال رزيق، محمد مسدور، صيغ التمويل بلا فوئد للقطاع ألفلاحي، الملتقى الدولي الأول حول تنمية الفلاحة الصحراوية كبديل للموارد الزائلة، بسكرة، الجزائر، 22-23 اكتوبر، 2002، ص154.
(1) جميل احمد، الوظيفة التنموية للمؤسسات المالية الإسلامية دراسة البنك الإسلامي للتنمية، رسالة ماجستير، غير منشورة، معهد العلوم الاقتصادية، فرع التسيير، جامعة الجزائر، 1996، ص146.
(1) عبد المجيد سعود ، البنوك الإسلامية وأوجه الاختلاف بينها وبين البنوك التجارية، رسالة ماجيستر، غير منشورة معهد العلوم الاقتصادية جامعة الجزائر، 1992، ص71.
(2) نفس المرجع، ص73.
(3) كمال رزيق، محد مسدورن مرجع سابق، ص156.
(1) محمد بوجلال، البنوك الإسلامية-مفهومها، نشأتها تطورها نشاطاتها، مع دراسة تطبيقية على مصرف ألسلامي، المؤسسة الوطنية للكتاب، بدون تاريخ، ص38.
(2) جميل احمدن مرجع سابق، ص170.
(1) محمد عبد الحليم عمر، صيغ التمويل الإسلامية للمشروعات الصغيرة القائمة على أسلوب الدين التجاري والاعاناتن الدورة التدريبية حول تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتطويرها ودورها في الاقتصاديات المغاربية، سطيف، الجزائر، 25-28 ماي 2003، ص9.
(2) نفس المرجع، ص 3.
(3) نفس المرجع، ص 9.
(4) عبد المجيد سعود، مرجع سابق، ص 79.
(1) عبد الرحمن يسري احمد، مرجع سابق، ص 85.
(2) محسن احمد الحضيري، البنوك الإسلامية، الدار العربية للصحافة والطباعة والنشر، 1999، ص19.
(1) عبد الرحمن يسري احمد، مرجع سابق، ص85.
(2) موقع بنك دبي الاسلامي.
(1) عبد الرحمن يسري احمد، مرجع سابق، ص 85.
(2) http//www/ :info@balagh.com
(1) محمد عبد الحليم عمر، مرجع سابق، ص21.
(2) هشام فضلى،الجديد في أعمال المصارف من الوجهتين القانونية والاقتصادية، أعمال المؤتمر السنوي لكلية الحقوق بجامعة بيروت العربية، الجزء الثاني، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان،2002،ص290.
(1) نفس المرجع،ص292.
(2) نفس المرجع ،ص293.
(1) عبد الجليل بوداح، مرجع سابق،ص7
(2) عبد الجليل بوداح.مرجع سابق،ص8.
(1) هشام فضلى، مرجع سابق ، ص304.
(2) عبد الجليل بوداح، مرجع سابق ،ص8.
(3) هشام فضلى ، مرجع سابق ،ص355.
(4) نفس المرجع ،ص356.
(1) رحيم حسين،ترقية شبكة دعم الصناعات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر نظام المحا ضن،مجمع الإعمال الملتقى الوطني الأول حول:المؤسسات الصغيرة والمتوسطة و دورها في التنمية، الاغواط ،الجزائر،8-9افريل،2002،ص52.
(2) رحيم حسين ، التجديد التكنولوجي كمدخل استراتيجي لدعم القدرة التنافسية للمؤسسات الجزائرية –حالة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة-، الملتقى الدولي الأول حول تنافسية المؤسسات الاقتصادية وتحولات المحيط، بسكرة ،الجزائر،29-30اكتةبر،2002،ص53.
[1]
(3) رحيم حسين .التجديد التكنولوجي كمدخل استراتيجي لدعم القدرة التنافسية للمؤسسات الجزائرية.مرجع سابق،ص54.
(1) عبد السلام أبو قحف ،إدارة الأعمال الدولية،الدار الجامعية للطباعة والنشر،بيروت، لبنان، بدون تاريخ،ص81.
(2) عبد السلام أبو قحف .مرجع سابق،ص83.

(1) www.scs.org/Seminar2003/Marouan Zibibi ppt

(1) www.scs.org/Seminar2003/Marouan Zibibi ppt
(1) عبد الباسط وفا،مرجع سابق ،ص4.
* كلمة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بنادي الصنوبر، يوم 14/01/2004 حول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

1 commentaire:

  1. Are you losing sleep at night worrying how to get a loan? Contact: Waheed Finance Firm Agency now via E-mail: info.waheedfinance@gmail.com
    Regards
    Waheed Finance Firm


    هل تفقد النوم ليلا وتقلق بشأن كيفية الحصول على قرض؟ الاتصال: وكالة شركة وحيد للتمويل الآن عبر البريد الإلكتروني: info.waheedfinance@gmail.com
    يعتبر
    شركة وحيد للتمويل

    RépondreSupprimer