samedi 31 janvier 2015

المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

المقدمة:

هيمن الدور المتزايد للمؤسسات الكبيرة على الفكر الاقتصادي خلال فترة طويلة من الزمن ، مما بوأها مكانة متميزة في أغلب القرارات السياسية في كل بلدان العالم .وكان الاعتماد على هذه المؤسسات من منطلق أنها توفر قاعدة صناعية وبنية تحتية واسعة وركيزة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بمعنى أنها اعتبرت بمثابة قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية .إلا أنه نتيجة للازمة الاقتصادية المندلعة منذ السبعينات والتي أدت إلى انهيار الأوضاع المالية خصوصا خلال منتصف الثمانينات في معظم البلدان بالذات النامية منها، وكذلك التحولات الاقتصادية العالمية وما صاحبها من تطبيق لبرامج التصحيح الهيكلي في عدد كبير من دول العالم ،تغيرت الأفكار لصالح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي أصبحت محور للدراسات الاقتصادية باعتبارها كيانا مختلفا في حجمه وطريقة تسييره ومعالجته للمشاكل المطروحة ، وليس على أنها مرحلة من مراحل التحول حتى بلوغ الحجم الأمثل ، وما يؤكد هذا التوجه هو العدد المتزايد للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ،حيث تشير الإحصائيات إلى أن هذه الأخيرة تمثل النسبة الأكبر من حيث العدد في كافة البلدان بما فيها الصناعية فمثلا :الولايات المتحدة الأمريكية تتوفر على أكثر من 22 مليون مؤسسة صغيرة و متوسطة ، كما يمتلك الاتحاد الأوروبي نسيجا يحتوي على 17.9 مليون مؤسسة صغيرة و متوسطة تشغل 66%من اليد العاملة وتحقق 85.64% من رقم الأعمال الإجمالي، وتساهم عموما بما قيمته 60% من القيمة المضافة، بينما في الدول النامية تساهم ب 35% من الناتج المحلي الإجمالي.

أما الجزائر فلم تتوسع كثيرا في هذا الميدان نتيجة للخيار الاقتصادي الذي اتبعته بعد الاستقلال،مباشرة بتوجهها إلى إنشاء المؤسسات الكبرى ،لكن بعد التحول الذي عرفته السياسة الاقتصادية الوطنية في نهاية الثمانينات ، وإصدار قانون النقد والقرض في أفريل 1990، وإنشاء وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التقليدية في جويلية 1993، كل هذا أعطى مجالا أوسع ودعما قويا لتنمية وترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، مع هذا فإن القطاع مازال هشا ومعرضا للعديد من الضغوطات التي لا تزال تعرقل تنميته مما يقلل من فعاليته ، وذلك نتيجة لعدة مشاكل وصعوبات يعاني منها هذا القطاع .ولقد بينت مجموعة من الدراسات  والتحقيقات الميدانية التي أجريت في العديد من الدول الصناعية والنامية أن التمويل هو العائق الأساسي و العامل الرئيسي لبقاء وتطور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، لأنه يلعب دور الريادة في دعم تنافسيتها محليا وعالميا ، فمثلا ضمن 200000 مؤسسة صغيرة ومتوسطة تنشأ سنويا في فرنسا نجد ثلثها يزول بعد ثلاث سنوات ونصفها بعد خمس سنوات نتيجة لنقص التمويل ، أما في الجزائر فقد قدرت وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التقليدية معدل اختفاء هذه المؤسسات بـ 18% سنويا ، أكدت أن السبب الرئيسي لهذا الاختفاء هو صعوبة حصولها على التمويل ، فالقدرات التمويلية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة عادة ما تعاني من قصور على مستوى الموارد المالية الخاصة، التي تعتبر من أهم مصادر التمويل والتي يخصص الجزء الأكبر منها لمواجهة تكاليف الإنشاءات، التي أصبحت ذات تكلفة عالية ، لذلك تلجأ المؤسسات الصغيرة المتوسطة إلى المصادر الخارجية لتغطية احتياجاتها  ، كما أثبتت الدراسات بأنها غير مؤهلة لدخول البورصة و أنها تلجأ إلى البنوك للحصول على ما تحتاجه من أموال ، غير انه للحصول على القروض المصرفية يتوجب عليها فضلا عن تقديم دراسة جدوى للمشروع ، توفر ضمانات كافية لتغطية قيمة القرض والتي نادرا ما تكون  متاحة لدى هذه المؤسسات ، ناهيك عن أن البنوك تتهم المؤسسات الصغيرة و المتوسطة بأن المشاريع التي تقدمها بلا أهمية تذكر ، أي عديمة الجدوى الاقتصادية.

الإشكالية:

وعلى اعتبار أن المؤسسات المصرفية هي الممول أو الوسيط المالي الرئيسي في الاقتصاد الوطني ، فإن هذا يقودنا إلى طرح التساؤل التالي :

- إلى أي مدى تعتمد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على المصارف في تمويل نشاطاتها ؟.
كما يمكن طرح التساؤلات الفرعية التالية:
- إلى أي مدى تراعي صيغ وأساليب التمويل التي تعرضها البنوك الوطنية خصوصيات واحتياجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؟
- ما هي أهم الصيغ التمويلية المستحدثة لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمعتمدة في الاقتصاد الوطني؟
-ما هي أهم المساعدات والمزايا التمويلية التي تستفيد منها مؤسساتنا الصغيرة والمتوسطة؟
فرضيات البحث:
- تساهم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مساهمة محدودة في تنمية الاقتصاد الوطني.
- لا تساهم صيغ وأساليب التمويل التي تعرضها البنوك الوطنية مساهمة فعالة في تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
- ضرورة مراعاة احتياجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال تطوير صيغ وأساليب التمويل تأخذ بعين الاعتبار خصوصياتها.

أهداف البحث:
- التعرف على واقع ومكانة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني وبيان دورها وأهميتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
- تقديم أهم صيغ التمويل المبتكرة والموجهة لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والعراقيل التي تحول دون تطبيقها في الاقتصاد الوطني.
- تقديم بدائل التمويل التي تعرضها المصارف الوطنية لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
- اقتراح مجموعة من الحلول لمشاكل التمويل التي تعاني منها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني.
أهمية الموضوع:
تنبع أهمية الموضوع من:
 - أهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والدور الذي تلعبه في مختلف اقتصاديات دول العالم، فهي تساهم في تحقيق النمو الاقتصادي من جهة وتوفر مناصب شغل لعدد كبير من المواطنين من جهة أخرى.
- المكانة التي تحتلها في برامج التنمية الوطنية بعد الفشل في إقامة المجمعات الاقتصادية الكبرى، وتطبيق الجزائر لمجموعة من الإصلاحات والتي شجعت قيام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقيتها، وكذا إنشاء وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التقليدية.




منهج البحث:
اعتمدنا في دراستنا مجموعة من المناهج العلمية والتي تتناسب مع طبيعة الموضوع والمتمثلة في:
-المنهج الوصفي التحليلي:
اعتمدنا عليه من اجل جمع المعلومات المرتبطة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومصادر تمويلها ثم وصف وتحليل واقع ومكانة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني، واهم العوائق التي تتعرض لها والإجراءات المتخذة للنهوض بها.
هيكل البحث:
من اجل دراسة التمويل المصرفي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبيان مكانتها في الاقتصاد الوطني قسمنا دراستنا إلى ثلاثة فصول كمايلي:
-الفصل الأول:
 حاولنا أن نبين أهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة واهم الخصائص التي تميزها عن باقي المؤسسات، كما قدمنا مجموعة من التعاريف لهذه المؤسسات في مجموعة من بلدان العالم.
الفصل الثاني:
 تعرضنا فيه لأساليب وصيغ تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وركزنا على الأساليب التي تعرضها المصارف.
-في الفصل الثالث:
تطرقنا لمكانة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الوطني وركزنا على تقديم الإحصائيات حول مساهمة هذه المؤسسات في الاقتصاد الوطني (القيمة المضافة، الواردات، الصادرات، الناتج المحلي الخام)، وكذا تعدادها وتوزيعها الجغرافي...الخ، كما تعرضنا لأهم الهيئات و البرامج التي اعتمدتها الدولة لتطوير هذا القطاع.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire