samedi 31 janvier 2015

ماهية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة


يعد موضوع تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من أهم  الموضوعات التي تشغل حيزا كبيرا من قضية التنمية الاجتماعية والاقتصادية في العالم، نظرا للدور الذي أضحت تلعبه خاصة منذ نهاية القرن الماضي، باعتبارها رائدا حقيقيا للتنمية المستديمة بشقيها الاقتصادي والاجتماعي، فهي تلعب دورا رياديا في إنتاج الثروة وتعتبر فضاء حيويا لخلق فرص العمل، فهي وسيلة اقتصادية وغاية اجتماعية ينبغي الاهتمام بها أكثر فأكثر، لذا فإن معظم دول العالم أضحت تدرك الدور الاقتصادي الخاص الذي تلعبه هذه المؤسسات، ليس فقط بالنسبة للدخل القومي وتوفير فرص العمل، لكن أيضا في الابتكارات التكنولوجية وإعادة هيكلة و تحديث الاقتصاد والاستقرار الاجتماعي، فالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة تساهم مساهمة فعالة في مختلف المؤشرات الاقتصادية، فهي تشكل ¾ الحجم الاقتصادي والتجاري العالمي.
وإذا كانت هذه المؤسسات مهمة في الدول المتقدمة، فهي أكثر أهمية بالنسبة للدول النامية، خاصة في ظل التحديات التي طرحها النظام الاقتصادي العالمي الجديد، وما طبعته من تحولات على أكثر من صعيد، نظرا لما تعاني منه هذه الدول من اختلالات كبيرة في اقتصادياتها، وحاجتها المتزايدة إلى إيجاد فرص عمل للتقليل من حجم البطالة (مثلا في الجزائر يقدر معدل البطالة بـ 24%). ونظرا للدور الذي تلعبه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في هذا السياق، فإن معظم الدول النامية عملت على تطوير هذا القطاع لما له من دور فعال في بناء نسيج اقتصادي متكامل، وتحفيز للقطاع الخاص على الاستثمار، ومن ثم المساهمة في إحداث تغيرات جذرية على المستوى الاقتصادي، لهذا حاولنا من خلال هذا الفصل التعرف على مفهوم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، واهم خصائصها، وأهميتها، واهم المشكلات التي تعترضها خاصة في الدول النامية.
المبحث الأول: ماهية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
تصنف المؤسسات الاقتصادية من حيث الحجم إلى مؤسسات صغيرة ومتوسطة من جهة ومؤسسات كبيرة من جهة أخرى وهذا التصنيف يعتبر مفيدا في عدة مجالات، لذا إعطاء مفهوم واضح وموحد للمؤسسات الصغير والمتوسطة بشكل نهائي ووضع الحدود الفاصلة بينها وبين باقي المؤسسات الأخرى خاصة بعد انتشار المصطلح انتشارا واسعا في مختلف دول العالم. يعتبر بغاية الأهمية ولكن في الواقع هذا المصطلح لا يزال يكتنفه الغموض وعدم الرؤية في تحديد معناها الدقيق.
وترجع صعوبة تحديد تعريف موحد يتفق عليه الأطراف والجهات المعنية بهذا القطاع إلى الاختلاف الكبير في طبيعة النظرة التي يتبناها كل طرف في تحديد دور هذه المؤسسات، وسبل النهوض بها وترقيتها، وكذا الفارق الشائع في عملية التحديد بين بلد وآخر أو منطقة جغرافية و أخرى، وحتى بين نوع الصناعات فمنها من يحتاج إلى تكنولوجيا عالية ومنها من يستخدم طرق تقليدية.
وفيما يلي سنعـرض بعـض من التعاريـف المقدمة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مجموعة من بلدان العالم:
1-1-التعاريف المختلفة للمؤسسات الصغير والمتوسطة:
نشير انه تقريبا كل دولة من دول العالم تنفرد بتعريف خاص بها، بغض النظر عن التوصيات التي تقدمها بعض المؤسسات والمنظمات الدولية، فبعض الدول تقـدم تعاريف ترتبط بدرجة نموها الاقتصادي، ودول أخرى تقدم تعاريف قانونية كما هو الشأن في الولايات المتحدة الأمريكية واليابان والبعض الأخر يقدم تعاريف إدارية كما هو الحال في هولندا… الخ .
1-1-1- تعريف الولايات المتحدة الأمريكية:
 سبق وان أشرنا إلى هذا التعريف الذي صدر عام 1953 والذي كان مضمونه "أن المؤسسات الصغيرة هي التي يتم امتلاكها وإدارتها بطريقة مستقلة حيث لا تسيطر على مجال العمل الذي تنشط في نطاقه" وقد تم تحديد مفهوم المؤسسة الصغيرة بطريقة أكثر تفصيلا بالاعتماد على معيار حجم المبيعات وعدد العاملين ولذلك فقد حدد القانون حدودا عليا للمؤسسة الصغيرة كما يلي:
-المؤسسات الخدمية والتجارة بالتجزئة...............من 1 إلى 5 ميلون دولار أمريكي كمبيعات سنوية.
-مؤسسات التجارة بالجملة...............من 5 إلى 15 مليون دولار أمريكي كمبيعات سنوية.
-المؤسسات الصناعية..............عدد العمال 250 عامل أو اقل.(1)
1-1-2-تعريف اليابان:
استنادا للقانون الأساسي حول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لعام 1963، فإن التعريف المحدد لهذا القطاع يلخصه الجدول التالي بحيث يميز بين مختلف المؤسسات على أساس طبيعة النشاط.
جدول رقم (01): التعريف الياباني للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة:
القطاعـات
رأس المال المستثمر
عـدد العمال
المؤسسات المنجمية والتحويلية والنقل وباقي فروع النشاط الصناعي
مؤسسات التجارة بالجملة
مؤسسات التجارة بالتجزئة والخدمات
اقل من 100 مليون ين

اقل من 30 ميلون ين
اقل من 10 مليون ين
300 عامل أو اقل

100 عامل أو اقل
50 عامل أو اقل
المصدر:عثمان لخلف، دور ومكانة الصناعات الصغيرة والمتوسطة في التنمية الاقتصادية-حالة الجزائر-،1992، ص11.
1-1-3 تعريف هولندا.
رغم غياب تعريف رسمي فيها، إلا أن الإجراءات التنظيمية التي تضمنها كل من قانون المؤسسات والإجراءات المتعلقة بالتوقف عن النشاط، والقانون الخاص بالرسم على رقم الأعمال، تعتبر كافية لرسم الحدود التي تفصل بين مختلف أصناف المؤسسات وذلك حسب طبيعة نشاطها. فتعد مؤسسة صغيرة ومتوسطة كل منشأة تشغل 100 عامل أو اقل وتنتمي إلى أحد الفروع التالية:
-الصناعة والبناء والتجهيز.
-التجارة بالجملة، والتجارة بالتجزئة والنشاط الخدمي من الفندقة والمطاعم.
-النقل والتخزين والاتصال.
-التأمين.(2)
1-1-4 تعريف الهند:
 المعيار المستخدم في الهند لتعريف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هو معيار رأس المال المستثمر، وقد حددت قيمة رأس المال (وهي قابلة للتغيير) عام 1978 بـ 750.000.00 روبية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما يعتبرون كل المؤسسات الباطنية التي يقل رأس مالها عن 1 مليون روبية مؤسسة صغيرة ومتوسطة.(1)
1-1-5-تعريف الاتحاد الأوروبي:
سبق وان أشرنا إلى أن هناك اختلاف كبير في المعايير المستخدمة لتعريف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حتى في البلدان الأوروبية، الشيء الذي دفع دول الاتحاد الأوروبي سنة 1992 إلى تكوين مجمع خاص بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ولقد أعلنت هذه اللجنة عن عدم قدرتها على تقديم تعريف محدد وموحد للمؤسسات الصغيرة و المتوسطة  يتماشى والسياسة الاقتصادية لكل الدول الأوروبية، وعلى عدم وجود أي تعريف علمي لها، ولكنه من جهة أخرى يرى انه يمكن تحديد المؤسسة الصغيرة والمتوسطة كما يلي:
-المؤسسات الصغيرة جدا من 0 إلى 9 عمال.
-المؤسسات الصغيرة من 10 إلى 49 عامـلا.
-المؤسسات المتوسطة من 50 إلى 499 عامـلا.
ولكن حسب هذا التعريف فإن 99.9% من المؤسسات الموجودة في الدول الأوروبية تعتبر مؤسسات صغيرة ومتوسطة.
وفي عام 1996 أعاد المجمع الأوروبي النظر في هذا التعريف أو التحديد وقدم تعريف آخر والذي عرف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة كتلك المؤسسات التي:
-تشغل اقل من 250 عامل.
-أو تلك التي رقم أعمالها اقل من 250 مليون فرنك فرنسي (40 مليون اورو).                
-أو تلك التي تراعي مبدأ الاستقلالية وتضم كل المؤسسات التي لا تتجـاوز نسبـة التحكـم في رأس مالها 25%.
وبهذا أصبح التعريف الجديد يضم 3 معايير لأنه في وجهة نظر الأوروبيين عدد العمال غير كافي لتحديد نوع المؤسسة.
-ومع ذلك يرون أيضا انه من الضروري تحديد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فالمؤسسات الصغيرة هي تلك التي تشغل اقل من 50 عاملا، مع بقاء معيار الاستقلالية قائما، رقم الأعمال لا يتجاوز 7 مليون أورو، أما المؤسسات الصغيرة جدا فهي التي لا يتجاوز عدد عمالها 10 عمال.
إلا انه وبسبب اختلاف القدرات الاقتصادية لكل بلد، فإن المعيار الذي يمكن أن يتحكم أكثر في التعريف هو المعيار الأول القائم على عدد العمال.(1)
1-1-6-التعريف المتبنى:
ترتكز الكثير من التعاريف المقدمة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة على معايير مختلفة، كمية العمال ورقم الأعمال، نوعية كدرجة الاستقلالية وبساطة التنظيم.
ويختلف تعريف هذه المؤسسات من بلد إلى آخر حسب المعايير المستخدمة لتعريفها ولتباين المؤشرات الاقتصادية، لذا فإنه من الضروري تكييف هذه المعايير مع خصوصيات النظام الاقتصادي والاجتماعي السائد في ذلك البلد.
أما التعريف الذي سنتبناه في دراستنا هو التعريف الذي جاء في القانون التوجيهي لترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في عام 2001، والذي أكدت عليه الجزائر بتوقيعها على ميثاق Bologne في جوان 2002 وهذا التعريف هو نفس التعريف الذي قدمه الاتحاد الأوروبي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة سنة 1996 والذي يرتكز على ثلاث معايير وهي: العمال، رقم الأعمال السنوي، واستقلالية المؤسسة وفي هذا الإطار تعرف المؤسسة الصغيرة والمتوسطة مهما كانت وظيفتها القانونية بأنها كل مؤسسة إنتاجية أو خدماتية توظف من 1 إلى 250 عامل حيث رقم أعمالها السنوي لا يتجاوز 2 مليار دج، وان إجمالي الحصيلة السنوية لا يتجاوز 500 مليون دج وتحترم مقاييس الاستقلالية.
وهذا لتتمكن من توظيف الإحصائيات المتوفرة على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر، وبالتالي تهمل عملية الدراسة.
1-2 -عوامل صعوبة تحديد تعريف موحد للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة:
1-2-1-العوامل الاقتصادية:  وتضم ما يلي: 
أ-اختلاف مستويات النمو:
ويتمثل في عدم تكافؤ التنمية لقوى الإنتاج والتي تميز الاقتصاد الدولي، واختلاف مستويات النمو فالمؤسسة الصغيرة والمتوسطة في الولايات المتحدة الأمريكية، ألمانيا أو اليابان أو أي بلد صناعي آخر تعتبر كبيرة في بلد نامي كالجزائر أو سوريا مثلا، كما يمكن أن ما نسميه بالمؤسسة الصغيرة أو المتوسطة اليوم، قد تصبح مؤسسة كبيرة في فترة لاحقة.(1)
ب-تنوع الأنشطة الاقتصادية:
 إن تنوع الأنشطة الاقتصادية يغير في أحجام المؤسسات ويميزها من فرع لآخر فالمؤسسات التي تعمل فيها الصناعة غير المؤسسات التي تعمل في التجارة، وتختلف أيضا تصنيفات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من قطاع لآخر لاختلاف الحاجة للعمالة ورأس المال، فالمؤسسات الصناعية تحتاج لرؤوس أموال ضخمة لإقامة استثماراتها أو التوسع فيها، كما تحتاج إلى يد عاملة كثيرة مؤهلة ومتخصصة، الأمر الذي لا يطرح في المؤسسات التجارية أو الخدماتية على الأقل بنفس الدرجة، أما على المستوى التنظيمي فالمؤسسات الصناعية ولأجل التحكم في أنشطتها تحتاج إلى هيكل تنظيمي أكثر تعقيدا، يتم في ظله توزيع المهام وتحديد الأدوار والمستويات لاتخاذ القرارات المختلفة، لكن المؤسسات التجارية لا تحتاج إلى مستوى تنظيمي معقد، و إنما يتسم بالبساطة والوضوح وسهولة اتخاذ القرار وتوحد جهة إصداراها وهذا ما يفسر صعوبة تحديد التعريف. (2)
ج-اختلاف فروع النشاط الاقتصادي.
تختلف فروع النشاط الاقتصادي وتتنوع فروعه، فالنشاط التجاري ينقسم إلى تجارة بالتجزئة أو بالجملة وتنقسم أيضا على مستوى الامتداد إلى تجارة خارجية وتجارة داخلية، والنشاط الصناعي بدوره ينقسم إلى فروع عدة منها الصناعات الاستخراجية، الغذائية، التحويلية، الكيميائية والتعدينية... الخ وتختلف كل مؤسسة حسب النشاط الذي تنتمي إليه أو أحد فروعه، و ذلك بسبب تعداد اليد العاملة ورأس المال الموجه للاستثمار، فالمؤسسة الصغيرة والمتوسطة في مجال الصناعة النسيجية (500 عامل مثلا) تعتبر وحدة كبيرة، بينما تكون صغيرة في صناعة السيارات.(3)

1-2-2-العوامل التقنية:
 يظهر العامل التقني من خلال مستوى الاندماج بين المؤسسات، فحينما تكون هذه الأخيرة أكثر قابلية للاندماج يؤدي هذا إلى توحد عملية الإنتاج وتمركزها في مصنع واحد وبالتالي يتجه حجم المؤسسات إلى الكبر، بينما عندما تكون العملية الإنتاجية مجزأة أو موزعة إلى عدد كبير من المؤسسات، يؤدي ذلك إلى ظهور عدة مؤسسات صغيرة ومتوسطة.(1)-2-3-العوامل السياسية:
 يمكننا هذا العامل من تحديد مفهوم المؤسسة الصغيرة والمتوسطة وتبيان حدودها، والتمييز بين المؤسسات حسب رؤية واضعي السياسات والاستراتيجيات التنموية، وهذا من خلال معرفة مدى اهتمام الدولة ومؤسساتها بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمساعدات التي تقدمها لهذا القطاع لمواجهة الصعوبات التي تعترض طريقه.(1)
1-3- معايير تعريف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة:
لقد خلصت إحدى الدراسات المتخصصة في تعريف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى وجود أكثر من 250 تعريفا، وهذا لاختلاف المعايير المعتمدة فمنها ما يعتمد على حجم العمالة، حجم المبيعات، حجم الأموال المستخدمة، حصة المؤسسة من السوق، طبيعة الملكية...الخ. و لإزالة هذا الغموض اعتمد المختصون في هذا المجال على معيارين في تعريف هذا النوع من المؤسسات، المعايير النظرية أو النوعية من جهة والمعايير المادية أو الحدية أو الوضعية من جهة أخرى، إلا أن المعايير الأكثر استخداما هي المعايير الثانية (المعايير المادية، الكمية).
وذلك لوضوحها وسهولة استخدامها كرقم الأعمال، الأرباح وأكثرهم استخداما على الإطلاق العمال (عدد العمال).(2) 
1-3-1-المعايير الكمية:
يخضع تعريف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لجملة من المعايير والمؤشرات الكمية، لقياس أحجامها ومحاولة تميزها عن باقي المؤسسات، ومن بين هذه المعايير نذكر:
حجم العمالة، حجم المبيعات، قيمة الموجودات، التركيب العضوي لرأس المال، القيمة المضافة، رقم الأعمال، رأس المال المستثمر...الخ.
كما سبق وان أشرنا فإن المعيار الأكثر استخداما هو معيار حجم العمالة، وكذلك حجم رأس المال، وهذا نتيجة لسهولة الحصول على المعلومات المتعلقة بهذين العنصرين، و فيما يلي سنحاول أن نتعرض لهما بشيء من التفصيل:
1-3-1-1- حجم العمالة.
يعتبر هذا العامل أحد أهم المعايير
يعتبر هذا العامل أحد أهم المعايير الكمية المستخدمة في تحديد تعريف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث يعتمد على عدد العاملين في التفرقة بينها. وهناك اختلاف كبير بين الدول المتطورة والنامية فيما يتعلق بتطبيق هذا المعيار، حيث تعتبر الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، شركات متوسطة وربما كبيرة في دول أخرى(1)، وحسب هذا المعيار تنقسم المؤسسات الاقتصادية إلى ثلاث أنواع:
أ-المؤسسات الاقتصادية الكبرى.
وهي مؤسسات توظف عددا كبيرا من العمال، يتجاوز عددهم الآلاف وحتى مئات الآلاف في بعض الأحيان (أكثر من 500 عامل) وينقسم هذا النوع من المؤسسات إلى:
-المؤسسات الكبرى دولية النشاط.
-المؤسسات الكبرى محلية النشاط.
ب-المؤسسات المصغرة أو وحدات الاستغلال الفردي.
وتنشط هذه المؤسسات في مختلف فروع النشاط الاقتصادي وكافة مجالاته وهي تشترك في خاصية واحدة، تتمثل في أن إدارة هذا النوع من المؤسسات يقوم بها صاحب المشروع بصفة أساسية وقد يساعده مجموعة من العمال عند الحاجة شرط أن لا يزيد عددهم عن العشر عمال.(2)
ج-المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
تحتل هذه المؤسسات موقعا وسطا بين النوعين السابقين، توظف بين عشرة عمال وخمسين عاملا. إلا أن هناك صعوبات في تعريف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، اعتمادا على معيار حجم العمال ويرجع هذا للأسباب التالية:
-اختلاف ظروف البلدان النامية وتبيان مستويات النمو.
-اختلاف ظروف الصناعة من فرع لآخر في نفس البلد.

-المستوى التكنولوجي المستخدم والذي يميل إلى تكثيف العمالة على رأس المال في البلدان النامية.(1)
-كما أن الاعتماد على هذا المعيار يكتنفه الغموض وهذا يقودنا لأن نطرح مجموعة من التساؤلات:
-هل يكفي أن يعمل عدد معين من العمال في مؤسسة ما حتى نقول أن هذه المؤسسة صغيرة أو متوسطة؟ وهل مؤسستان يشتغل فيهما نفس العدد من العمال هما بنفس الحجم؟ مهما استخدمتا من تكنولوجيا؟ في الحقيقة إن هذا الأمر صعب جدا.
كذلك الحد الفاصل بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة غير واضح وغامض إلى حد بعيد، فهل المؤسسة التي تشغل 200 عامل هي متوسطة والتي تشغل 201 هي كبيرة؟ ومتى نقول على مؤسسة أنها صغيرة.(2)
1-3-1-2- المعيار المالي أو النقدي.
يستند هذا المعيار إلى رأس المال رقم الأعمال- حجم المبيعات.
إن الاعتماد على المعيار المالي وحده في تحديد ماهية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يعترضه عنصر الاختلاف في الحصيلة المالية، بسبب اختلاف المبيعات النقدية من عام إلى آخر باتجاه الزيادة أو النقصان، خاصة إذا حدث ارتفاع في معدل التضخم، فما نعتبره مؤسسة صغيرة أو متوسطة في هذا العام قد لا يكون كذلك في العام المقبل والعكس صحيح. 
1-3-2-المعايير النوعية.
يعتقد من يستخدم المعايير النوعية بأن النشاط الاقتصادي والاجتماعي يمكن أن يكون محددا لنوع المؤسسة ويتخذ في ذلك عدة معايير.
لوضع الحدود الفاصلة بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وباقي المؤسسات الاقتصادية ولتحديد هذه المعايير بدقة يعتمد الكثير من المختصين على ما ورد في كتاب"Staley "* حيث يرى أن أية مؤسسة يمكن اعتبارها صغيـرة أو متوسطـة إذا توفـرت فيها خاصتين من الخصائص التالية على الأقل:
-استقلالية الإدارة: عادة ما يكون المسيرين أصحاب المؤسسة.
-تعود ملكية المؤسسة أو رأسمالها لفرد أو مجموعة أفراد.
-تمارس المؤسسة نشاطها محليا، إلا أن اجتياحها للأسواق يمكن أن يمتد خارجيا، كما أن أصحاب المؤسسة والعاملون فيها يقطنون منطقة واحدة.
تعتبر هذه المؤسسة صغيرة الحجم إذا ما قورنت بمؤسسة كبيرة تمارس نفس النشاط.
ولقد استند القانون في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1953  (Small business act). على هذه المعايير لتحديد مفهوم المؤسسة الصغيرة والمتوسطة فهي "المؤسسة التي لم يتم امتلاكها أو إدارتها بطريقة مستقلة، بحيث لا تسيطر على المجال الذي تعمل فيه".
انطلاقا من هذا المفهوم، وأخذا بعين الاعتبار المعايير النوعية يمكن القول أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هي التي تتميز عن غيرها بـ:
أ-الملكية:
إن ملكية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعود أغلبها إلى القطاع الخاص في شكل شركات أشخاص أو شركات أموال ،حيث يلعب المالك دورا كبيرا في إداراتها ، وفي بعض الدول مثل الجزائر تمتلك الدولة عددا من هذه المؤسسات.     
ب-المسؤولية:
تعود كل القرارات المتخذة داخل المؤسسة إلى المالك و صاحب المشروع، فيجمع بين عدة وظائف في آن واحد كالتسيير، التسويق والتمويل، عكس المؤسسات الكبيرة المتميزة بتقسيم الوظائف على عدة أشخاص.(1)
ج-الحصة من السوق:
إن الحصة السوقية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة تكون محدودة وذلك للأسباب التالية:
-صغر حجم المؤسسة-صغر حجم الإنتاج- ضآلة رأس المال محلية النشاط- ضيق الأسواق التي توجه إليها منتجات هذه المؤسسات.
-المنافسة الشديدة بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للتماثل في الإمكانات والظروف ونتيجة للأسباب السابقة فإن هذا يحد من قدرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في السيطرة على الأسواق أو أن تفرض أي نوع من أنواع الاحتكار على عكس المؤسسات الكبرى، التي يسمح لها راس مالها وكبر حجم إنتاجها وحصتها السوقية وامتداد اتصالاتها وتشابك صلاتها من السيطرة على الأسواق واحتكارها.(1)
1-4-تصنيف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة:
تختلف أصناف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة باختلاف المعايير المعتمدة في تصنيفها وهذه المعايير يمكن أن نجمعها فيما يلي:
-طبيعة هذه المؤسسات أسلوب تنظيم العمل-طبيعة المنتجات التكاملية.
1-4-1 تصنيف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على أساس توجهها: حسب هذا التصنيف تأخذ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الأشكال التالية المؤسسات العائلية (المنزلية) المؤسسات التقليدية، المؤسسات المتطورة وشبه المتطورة.
أ-المؤسسات العائلية:
مثل هذه المؤسسات عادة ما يكون مقر إقامتها المنزل، وتستخدم الأيدي العاملة العائلية، ويتم إنشاؤها بمساهمة أفراد العائلة، وتنتج في الغالب منتجات تقليدية بكميات محدودة، وهذا في حالة بعض البلدان مثل اليابان وسويسرا أو تنتج أجزاء من السلع لفائدة مصنع موجود في نفس المنطقة في إطار ما يعرف بالمقاولة الباطنية (Sous traitante ).
ب-المؤسسات التقليدية:
يشبه هذا الصنف من المؤسسات النوع السابق حيث أنها تعتمد على اليد العاملة العائلية، وتنتج منتوجات تقليدية أو قطعا لفائدة مصنع معين ترتبط معه في شكل تعاقدي، كما يمكن لهذه المؤسسات الاعتماد على العمل الأجير وهو ما يميزها عن النوع الأول، إضافة إلى أن مكان إقامتها هو محل مستقل عن المنزل، حيث تتخذ ورشة صغيرة مع بقاء اعتمادها على الأدوات اليدوية البسيطة في تنفيذ عملها.
ج- المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المتطورة وشبه المتطورة:
تتميز هذه المؤسسات عن غيرها من النوعين السابقين في اتجاهها إلى الأخذ بفنون الإنتاج الحديثة، من ناحية التوسع في استخدام رأس المال الثابت، أو من ناحية تنظيم العمل، أو من ناحية المنتوجات التي يتم صنعها بطريقة منتظمة، وطبقا لمقاييس صناعية حديثة، وتختلف بطبيعة الحال درجة تطبيق هذه التكنولوجيا بين كل من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة شبه المتطورة من جهة أخرى.
-بالنسبة لهذه التشكيلة من المؤسسات، ينصب عمل مقرري السياسة التنموية في البلدان النامية، على توجيه سياستهم نحو ترقية وإنعاش المؤسسات الصغير والمتوسطة المتطورة وذلك من خلال:
-العمل على تحديث قطاع المؤسسات الحرفية والمنزلية المتواجدة، بإدخال أساليب وتقنيات
جديدة، واستعمال الأدوات والآلات المتطورة.
-إنشاء وتوسيع أشكال جديدة ومتطورة وعصرية من المؤسسات، تستعمل تكنولوجيا متقدمة تعتمد على الأساليب الحديثة والتسيير".(1)


(1) رابح خوني ، ترقية أساليب وصيغ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الجزائري ، رسالة ماجستير ، غير منشور كلية الاقتصاد وعلوم التسيير،فرع اقتصاد التنمية، 2003،ص11.
(2) عثمان لخلف،مرجع سابق،ص12.
(1) Ammar Sellami, petite moyenne industrie et développement économique, Entreprise national du livre, 1985.P36.
(1) إسماعيل شعباني ،ماهية المؤسسات الصغيرةوالمتوسطةوتطويرها في العالم، الدورة التدريبية حول : تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتطوير دورها في الاقتصاديات المغاربية، سطيف، الجزائر، 25-28ماي ،2003،ص4.
(1) رابح خوني،مرجع سابق،ص6.
(2) نفس المرجع،ص7.
(3) نفس المرجع،ص7.
(1) رابح خوني،حساني رقية،آفاق تمويل وترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر، الدورة التدريبية حول تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة و تطوير دورها في الاقتصاديات المغاربية، سطيف ، الجزائر،25-28ماي،سطيف الجزائر،ص2.
(1) رابح خوني، مرجع سابق،ص3.
(2) إسماعيل شعباني ، مرجع سابق، ص3.
(1) محفوظ جبار, المؤسسات المصغرة الصغيرة والمتوسطة ومشاكل تمويلها –دراسة حالة المؤسسات المصغرة في ولاية سطيف خلال الفترة 1999-2001-مجلة العلوم الإنسانية،العدد 5، بسكرة ، الجزائر ،ص2003، ص214.
(2) رابح خوني، حساني رقية، مرجع سابق، ص3.
(1) رابح خوني, حساني رقية , مرجع سابق، ص4.
* E.Staley. Small industry development research program on small industry, December 1958
(2)إسماعيل شعباني، مرجع سابق، ص4.

(1) زغبيب شهرزاد، عيساوي، المؤسسات المتوسطة والصغيرة في الجزائر-واقع وآفاق- الملتقى الوطني حول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ودورها في التنمية، الاغواط، الجزائر، 8-9 افريل، 2002، ص172.
(1) رابح خوني، رقية حساني، مرجع سابق، ص615.
(1) عثمان يخلف، مرجع سابق، ص19.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire